فلان عن فلان ، ومتنه كذا ، والحديث الثاني عن فلان ، ومتنه كذا ، ثم مرّ في ذلك حتى أتى على الأحاديث ، فعجب الناس منه ، أو كما قال.
وقال رجاء بن محمد المعدّل : قلت للدارقطنيّ : رأيت مثل نفسك؟
فقال : قال الله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) (١) فألححت عليه ، فقال : لم أر أحدا جمع ما جمعت.
وقال أبو ذرّ عبد بن أحمد : قلت للحاكم ابن البيع : هل رأيت مثل الدار قطنى؟ فقال : هو لم ير مثل نفسه ، فكيف أنا؟ رواها الخطيب في تاريخه عن أبى الوليد الباجي ، عن أبى ذرّ ، فهذا من رواية الكبار عن الصّغار.
وكان عبد الغنى المصري إذا حكى عن الدار قطنى يقول : قال أستاذى ، قال الخطيب ، سمعت أبا الطّيّب الطبري يقول : الدار قطنى أمير المؤمنين في الحديث.
وقال الخطيب : قال لي الأزهري : كان (٢) الدار قطنى ذكيا ، إذا نوكر (٣) شيئا من العلم أيّ نوع كان وجد عنده من نصيب وافر. ولقد حدّثنى محمد بن طلحة النّعالى أنّه حضر مع الدار قطنى دعوة ، فجرى ذكر الأكلة ، فاندفع الدار قطنى يورد أخبار الأكلة ونوادرهم ، حتى قطع أكثر ليلته بذلك. وقال الأزهري : رأيت الدار قطنى أجاب ابن أبى الفوارس عن علّة حديث أو اسم ، ثم قال : يا أبا الفتح ليس بين الشروق والغرب من يعرف هذا غيري.
وقال البرقاني : كان الدار قطنى يملى عليّ العلل من حفظه ، فمن أراد أن يعرف قدر ذلك ، فليطالع كتاب «العلل» قطنى ، ليعرف كيف كان الحفّاظ.
قال أبو عبد الرحمن السّلمى : سمعت الدار قطنى يقول : ما في الدنيا شيء أبغض إليّ من الكلام. ونقل ابن طاهر المقدسي أنّهم اختلفوا ببغداد ،
__________________
(١) سورة النجم ـ الآية ٣٢.
(٢) في الأصل «قال».
(٣) في الأصل «ذكر» والتصحيح من تاريخ بغداد.