[حوادث]
سنة أربع وثمانين وثلاثمائة
فيها قوي أمر العيارين (١) ببغداد ، وشرع القتال بين الكرخ وأهل باب البصرة ، وظهر المعروف بعزيز من أهل باب البصرة واستفحل أمره ، والتزق به كثير من المؤذين ، وطرح النّار في المحالّ ، وطلب أهل الشّرط. ثم صالح الكرخ ، وقصد سوق البزّازين (٢) ، وطالب بضرائب الأمتعة حتى الأموال ، وكاشف السلطان وأصحابه ، وكان ينزل إلى السفن ويطالب بالضرائب ، فأمر السلطان بطلب العيّارين ، فهربوا عنه (٣).
وفي ذي الحجّة ورد الخبر برجوع الحاجّ من الطريق ، وكان السبب أنّهم لمّا حصّلوا بين زبالة (٤) والثعلبية (٥) اعترض الحاجّ الأصيفر الأعرابيّ ومنعهم الجواز إلّا برسمه ، وتردّد الأمر إلى أن ضاق الوقت ، فعادوا ، ولم يحجّ أيضا لأهل الشام ولا اليمن ، إنّما حجّ أهل مصر (٦).
__________________
(١) العيّار : لغويّا : الكثير التجوّل والطواف الّذي يتردّد بلا عمل ، يخلّي نفسه وهواها. والمعار بالكسر. الفرس الّذي يحيد عن الطريق براكبه. والعيّار : الكثير الذهاب والمجيء ، وهو الذكيّ كثير التطواف. يقال : عار الفرس يعير : ذهب كأنه منفلت ، يهيم على وجهه لا يثنيه شيء ، فهو عائر ، أي متردّد جوّال. (انظر مادّة : غير ، في المعاجم اللغوية).
(٢) في المنتظم «سوق التمّارين».
(٣) الخبر في المنتظم ٧ / ١٧٤.
(٤) زبالة : بضم أوّله. منزل معروف بطريق مكّة من الكوفة. (معجم البلدان ٣ / ١٢٩).
(٥) في الأصل «التغلبية» وهو تصحيف. وما أثبتناه عن معجم البلدان ٢ / ٧٨ وهو يفتح أوله. من منازل طريق مكة من الكوفة.
(٦) الخبر في المنتظم ٧ / ١٧٤ وزاد : «أهل مصر والمغرب خاصّة». وانظر : الكامل في التاريخ ٩ / ١٠٥ ، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (بتحقيقنا) ج ٢ / ٣٥٥ ، والبداية والنهاية ١١ / ٣١٣ ، ومرآة الجنان ٣ / ٤١٨.