سليمان بن حسّان (١) ، أبو داود بن جلجل الأندلسى الطّبيب ، عالم الأندلس بالطّبّ.
كان بصيرا بالمعالجات. خدم المؤيّد بالله هشام بن المستنصر ، وكان إماما في معرفة الأدوية المفردة ، لا سيما بكتاب ديسقوريدس العين زربى (٢) الّذي عرّب في خلافة المتوكّل ، وبقي منه ألفاظ كثيرة يونانية لم تعرّب ولا عرفت.
قال ابن جلجل : وانتفع الناس بما عرّب منه ، فلما كان في دولة النّاصر عبد الرحمن بن محمد صاحب الأندلس ، كاتبه أرمانوس صاحب القسطنطينيّة قبل الأربعين وثلاثمائة وهاداه بنفائس ، فكان منها كتاب ديسقوريدس مصوّر الحشائش بالتصوير العجيب ، والكتاب باليوناني ، ومنها كتاب هروشيش (٣) تاريخ عجيب في الأمم والملوك باللسان اللّطينى (٤).
وكان بالأندلس من يتكلّم به ، ثم كاتبه النّاصر وسأله أن يبعث إليه برجل يتكلّم باليوناني واللّطينى ، ليعلّم له عبيدا ، حتى يترجموا له ، فبعث إليه براهب يسمّى «نقولا» ، فوصل قرطبة في سنة أربعين ، ونشر من كتاب ديسقوريدس ما كان مجهولا ، وكان هناك جماعة من حذّاق الأطبّاء ، فأحكم الكتاب ، وقد أدركتهم ، وأدركت «نقولا الرّاهب» وصحبتهم ، وفي صدر دولته مات «نقولا الرّاهب».
ولابن جلجل «تاريخ الأطبّاء والفلاسفة» ، وله تذييل وزيادات على كتاب ديسقوريدس مما لم يعرفه ديسقوريدس ، صنّفه في سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة. ولم تبلغنا وفاته متى كانت.
__________________
(١) تاريخ الحكماء للقفطى ١٩٠ ، جذوة المقتبس ٢٢٥ رقم ٤٥٢ ، عيون الأنباء ٢ / ٤٦ ـ ٤٨ ، إيضاح المكنون ١ / ٥٦١ و ٢ / ٧٨ ، معجم المولفين ٤ / ٢٥٨ ، الوافي بالوفيات ١٥ / ٣٦٢ رقم ٥١١.
(٢) العين زربى : بفتح العين المهملة ، والياء الساكنة ، وبعدهما النون ، والزاى المفتوحة والراء الساكنة ، والباء الموحّدة. نسبة إلى عين زربة ، بلدة من بلاد الجزيرة مما يقرب الرها وحرّان. (الأنساب ٩ / ١٠٨ ، ١٠٩).
(٣) كذا في الأصل ، ويريد «هيرودوت» صاحب التاريخ المشهور.
(٤) كذا في الأصل ، ويريد «اللاتيني».