وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٣) ، وهذه الآيات من أواخر ما نزل من القرآن لأن سورة التوبة هي آخر ما نزل وقد نزلت بعد فتح مكة. وبالإضافة إلى هذا فإن هذا الحديث روي في مناسبتين أخريين ، أولاهما رواها الترمذي في سياق آيتي سورة الغاشية : (إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (٢٢) ، فقال : «إنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال نفس الحديث ثم تلا هاتين الآيتين» (١) حيث يفيد هذا أنه إنما قال الحديث ليكون مفسرا لخطته بالنسبة لمن يعصمون بقولهم لا إله إلّا الله دماءهم وأموالهم إلّا بحقها وليقول إنه يترك حساب ما لا يعرف من أعمال الناس الذين يقولون لا إله إلّا الله إلى الله وليس هو محاسبا على خفاياهم وأسرارهم. فإذا كان الحديث في أصله قد صدر من النبي صلىاللهعليهوسلم في هذا الموقف وحسب فيكون لذلك دلالته الخطيرة في صدد ما نحن بسبيل تقريره. أما المناسبة الثانية فهي عزيمة أبي بكر رضي الله عنه على حرب الممتنعين عن الزكاة بعد وفاة النبي حيث جاءه عمر رضي الله عنه فقال له : كيف تقاتلهم وهم يقولون لا إله إلّا الله وقد قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله فإن قالوها عصموا دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله؟ فقال له أبو بكر : والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة ، فإنّ الزكاة حقّ المال ، والله لو منعوني عناقا لقاتلتهم على منعها فلم يلبث أن شرح الله صدر عمر وجعله يرى موقف أبي بكر هو الحقّ (٢). وهذه الرواية يرويها أصحاب الكتب الخمسة. وخطورة دلالتها لا تقل عن خطورة دلالة رواية المناسبة الأولى إن لم تفقها. ويتبادر لنا أن رواية الترمذي هي أصل ظرف صدور الحديث وأن رواية
__________________
(١) «التاج» ، ج ٤ ص ٢٥٨.
(٢) المصدر نفسه ، ج ٢ ص ٧ ـ ٨.