يربطه بالنبي صلىاللهعليهوسلم من روابط العصبية التي كانت تقاليدها شديدة الرسوخ في بيئة النبي صلىاللهعليهوسلم ، فكان تأثيرها عاملا قويا في شذوذ هذا العم عن سائر أعمامه وسائر أفراد عشيرته الذين كانوا يحمون النبي صلىاللهعليهوسلم وينصرونه بقوة العصبية برغم أن أكثرهم ظلوا في العهد المكي نائين عن اعتناق الإسلام.
وإذا صحت رواية كون أم جميل هي أخت أبي سفيان ـ وليس هناك ما ينفيها ـ فلا يبعد أن يكون موقفها متأثرا بموقف أخيها الذي كان من أبرز الزعماء وذوي الشأن في قريش والذي كانت لأسرته المكانة البارزة في مكة ، والذي ظل هو وأسرته يناوئون النبي صلىاللهعليهوسلم نحو عشرين سنة أي إلى فتح مكة في العام الثامن من الهجرة مناوأة عنيفة ، وقد قاد زعيمهم أبو سفيان الجيوش التي غزت المدينة دار هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم مرتين. ولا يبعد أن تكون فكرة النضال الأسروي بين الأسرة الأموية صاحبة الشأن والبروز في مكة والأسرة الهاشمية التي ترشحت للبروز والخلود بدعوة النبي صلىاللهعليهوسلم وحركته حافزا أو مقويا لموقف أبي سفيان المناوىء من النبي صلىاللهعليهوسلم وموقف أخته زوجة أبي لهب منه أيضا.
وأبو لهب وامرأته هما الشخصان الوحيدان اللذان اختصهما القرآن بالذكر وسوء الدعاء وبصراحة ، وسجل عليهما اللعنة الخالدة على مرّ الدهور. ولا شك في أن هذا يدل على أن موقفهما كان شديد الأثر في نفس النبي صلىاللهعليهوسلم وسير دعوته وخاصة في أول أمرها فاستحقا من أجله هذا التخصيص.
وإننا لنرجو أن تكون هذه البيانات والتوجيهات هي المتسقة مع حقيقة الموقف لأنها هي المتسقة مع روح الآيات ومضمونها وإشراك زوجة أبي لهب ثم مع رواية تبكير نزول السورة.