كما هو المتبادر ، ولقد جاء ذكر القرآن في الآية التالية وحكاية لتحدّي الكافرين في صدده وقد يكون ذلك هو المناسبة القريبة للآيتين.
تعليق على جملة
(جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ)
وتعبير (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) قد يوهم أن الله هو الذي جعل المجرمين يقفون من أنبيائه موقف العداء. وقد تكرر مثل هذا التعبير وما يدخل في بابه كثيرا في سياقات ومناسبات مماثلة. وقد مرّ مثل منه في آية سورة الأعراف [٢٧] وعلّقنا عليها بما يزيل الوهم من فحواها وفحوى ما قبلها وبعدها. وما قيل هناك يقال هنا ، إجمالا والتعبير أسلوبي. والمتبادر أنه قصد به تقرير واقع أمر النظام الذي أقام الله المجتمع البشري عليه من أنه لا بد من أن يقف في وجه الأنبياء فريق من المنحرفين المجرمين على سبيل تطمين النبي صلىاللهعليهوسلم وتسليته بكون ما يراه من قومه ليس بدعا. ولا يمكن أن يكون قصد به معناه الحرفي لأن في ذلك تناقضا يتنزّه الله سبحانه وتعالى عنه ؛ وما جاء في الآية التي ورد فيها التعبير من نعت الكفار بالمجرمين وبأعداء الأنبياء قرينة على هذا التوجيه كما أن في ما احتوته الآيات السابقة واللاحقة من تحميل تبعة الإجرام والكفر على أصحابهما ونعت الكفار بأنهم قد ضلّوا السبيل قرائن قوية على صوابه.
ولقد رأى بعضهم (١) في شكوى النبي صلىاللهعليهوسلم من قومه لإعراضهم عن القرآن تحذيرا للمسلمين عن الإعراض عنه وعدم التمسّك بأحكامه وتدبّره والاستهانة به عند تلاوته. وهذا وجيه بل بدهي لأن كل هذا واجب لازب على كل مسلم.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣)
__________________
(١) انظر تفسيرها في تفسير القاسمي.