من غير ملاحظة الترجيح ، كما أنّ الشأن كذلك في اخبار الآحاد لو أوجبنا التعبّد بصدور كلّ منها في محلّ المعارضة ، تحكيما لأدلّة أصالة الصدور على أصالة الظهور ، لكنّك ستعرف إن شاء الله في محلّه ضعفه.
وإن لم نقل بجواز الاستدلال بكلّ منها في محلّ التعارض ، بأن خصّصنا أدلّة اعتبارها بغير هذا الفرض ، وجب الرجوع إلى المرجّحات ، بناء على ثبوت الترجيح في سائر الأدلّة الظنّية عند المعارضة ، لا في خصوص الاخبار تعبّدا ، ثمّ التوقّف في محلّ التعارض أو التخيير ، كما في الخبرين المتعارضين ، على احتمال ضعيف كما ستعرفه في باب التعادل والتراجيح ، ولو أراد من جواز الاستدلال بكلّ قراءة جوازه من حيث هي ـ كما قد ينسبق إلى الذهن في بادئ الرأي ـ لا يستقيم شيء ممّا ذكره ، كما لا يخفى على المتأمّل.
قوله قدسسره : لعدم جريان أصالة عدم الغفلة في حقّهم مطلقا (١).
أقول : وجهه واضح إذ لا شكّ في غفلتهم حين صدور الكلام عن أصل الخطاب ، فضلا عمّا اكتنف به من القرائن الحالية أو المقالية.
نعم ، ربّما يجري في حقّهم أيضا إذا نقل إليهم الخطاب بواسطة أو وسائط ، فعرضهم الشّك في غفلة الوسائط ، أو غفلتهم عمّا نقل إليهم الواسطة من القرائن ، لكن لا يتمشّى هذا في مثل القرآن المعلوم انحصاره فيما بين الدّفتين ، كما أنّه قد يشكّ في غفلتهم عن الخصوصيات المحفوفة بالكلام ممّا يؤثّر في اختلاف المفاد ، كتقديم ما يستحقّ التأخير ونحوه ، ولكن هذا أجنبيّ عمّا تعلّق به غرض المفصّل ، فانّه إن جرى أصالة عدم الغفلة بالنسبة إلى مثل هذه الامور ، ممّا له دخل بفهم مدلول الكلام من
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٤٣ سطر ٧ ، ١ / ١٦٦.