ذلك عبّر عنه ثانيا بعبارة سالمة عن الانتقاض.
وكيف كان ، فلا يتوجّه على ما في الحاشية النقض بشيء من المثالين ، أمّا الأوّل فواضح ، لأنّه شكّ في التكليف ، والمرجع فيه البراءة مطلقا على ما في الحاشية ، والثاني أيضا كذلك ، بناء على أن يكون المراد من العلم بالتكليف ، العلم بنوعه لا جنسه ، كما صرّح بذلك في أوائل أصل البراءة ولكنّك ستعرف في أواخر المبحث ضعف هذا البناء ، وانّ العلم الإجمالي بجنس التكليف كالعلم بنوعه موجب لتنجّزه ، ووجوب الخروج عن عهدته بالاحتياط مع الإمكان ، كما لو دار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، أو وجوب شيء في وقت وحرمته في وقت آخر ، وغير ذلك من الأمثلة التي ستسمع بعضها في أحكام الخنثى ، فالأولى حمل العلم بالتكليف على ما يعمّ العلم بجنسه ، كي لا يتوجّه عليه النقض بشيء من الموارد ، عدا ما سيذكره من الرجوع إلى البراءة في دوران الأمر بين المحذورين ما لم يستلزم مخالفة عملية ، وستعرف أنّ هذا لا يخلو عن نظر بل منع ، فانّ المتّجه فيه أيضا التخيير لا البراءة.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ حصر الاصول في الأربعة ليس عقليا بل هو ـ على مختاره ـ بحسب ما استفاده من الأدلّة العقلية والنقليّة ، فالحصر استقرائي لا عقليّ.
نعم ، حصر الحكم المشكوك فيه ، في كونه مجرى لشيء من هذه الاصول عقلي.
ثمّ أنّ المقصود في المقام إنّما هو بيان الاصول الأوّلية المعتبرة للشكّ التي يرجع إليها لو لم يدلّ دليل على خلافها ، فلا ينتقض ببعض الاصول الثانوية الثابتة في بعض الموارد بأدلّة خاصّة ، كقاعدة الشكّ بعد الفراغ ، واصالة الصحّة ، والبناء على الأكثر في باب الصلاة وغير ذلك.
هذا مع أنّ هذه الاصول ونظائرها اصول يرجع إليها في الشبهات الموضوعية ، وهي ممّا لم يتعلّق الغرض بالبحث عنها ، وذكرها في الكتاب استطرادي ، وإنّما