قوله قدسسره : فالأولى حملها على إرادة الاستصحاب (١).
أقول : لا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره في هذا المقام ـ بعد أن بيّن فيما سبق أنّ القاعدة أعمّ موردا من الاستصحاب ـ لا يخلو عن تأمّل ، بل الأولى حمل الرواية على إرادة القاعدة ، حتّى يعمّ جميع الموارد حتّى الموارد النادرة.
ثمّ إنّك قد عرفت آنفا أنّه على تقدير حملها على إرادة الاستمرار ، لا يخلو دلالتها على الاستصحاب عن نظر ، وقد نقل عنه رحمهالله أنّه نبّه على ذلك في بحثه ، وقال ما حاصله : «إنّ مفاد الرواية هو الحكم باستمرار الطهارة إلى زمان العلم بالقذارة ، لا الحكم بالاستمرار اتّكالا على وجودها في السابق ، كما هو مناط الاستصحاب ، وعلى المعنى الأوّل فهي من جزئيات القاعدة ، فتدبّر.
قوله قدسسره : توضيحه أنّ حقيقة النقض ... الخ (٢).
أقول : ما ذكره رحمهالله في هذا المقام لا يخلو عن مسامحة بل تشويش واضطراب ، فانّ النقض على ما يستفاد من مراجعة اللغة ، إنّما هو ضد الإبرام ، فمتعلّقه لا بدّ أن يكون له التيام واتصال حقيقة أو ادّعاء ، ومعنى إضافة النقض إليه ، رفع تلك الهيئة الاتّصالية بشرط بقاء المادة ، كما في «نقضت الحبل». وامّا مطلق رفع الأمر الثابت ، أو رفع اليد عن الشيء مطلقا فلا ، ألا ترى استهجان قولك «نقضت الحجر» إذا أردت رفعه عن مكانه.
وامّا إضافته إلى العهد واليقين ، فانّما هي باعتبار أنّ لهما نحو إبرام عقليّ ينتقض ذلك الإبرام بعدم الالتزام بأثر العهد ، وبالترديد في ذلك الاعتقاد ، فبهذه الملاحظة يضاف «النقض» إليهما.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٣٦ سطر ٣ ، ٣ / ٧٧.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٣٦ سطر ٩ ، ٣ / ٧٨.