قوله قدسسره : ثمّ لا يتوهّم الاحتياج حينئذ إلى تصرّف في اليقين ... الخ (١).
أقول : توضيح التوهّم إنّه بناء على إرادة المعنى الثاني ، لا بدّ من ورود «النقض» على متعلّق اليقين ، لأنّه هو الشيء الذي من شأنه الاستمرار دون صفة اليقين.
وامّا على المعنى الثالث فمورده نفس اليقين ، لأنّه بنفسه هو الشيء الذي يرفع اليد عنه ، فلا يحتاج هذا المعنى إلى ارتكاب التأويل ومخالفة الظاهر.
توضيح دفعه : إنّ ارتكاب التأويل في متعلّق «النقض» أي لفظ «اليقين» ممّا لا بدّ منه على كلّ تقدير ، لأنّ وصف اليقين من حيث هو ينتقض قهرا بطروّ الشكّ ، فلا يعقل النهي عنه ، فالنهي عنه إمّا بملاحظة كون اليقين مرادا لمتعلّقه غير ملحوظ إلّا بالتبع ، فيكون المراد بعدم نقضه عدم نقض متعلّقه ، أي الشيء الذي كان على يقين منه ، والمراد بعدم نقض ذلك الشيء ، الجري على مقتضاه ، سواء كان حكما شرعيا ـ كوجوب شيء ، أو طهارة ثوبه ـ أم موضوعا خارجيا ـ كحياة زيد ـ ، كما أنّ المراد بنقضه رفع اليد عن مقتضاه ، وعدم الالتزام بلوازمه في مقام العمل ، أو بملاحظة نفس اليقين ، لكن لم يقصد بذلك عدم نقضه حقيقة بل حكما ، بمعنى الالتزام ببقائه في مقام العمل بترتيب آثار بقائه ، فالمراد بعدم نقضه ، عدم رفع اليد عن أحكامه ، فاحكامه هي التي يتعلّق بها النقض حقيقة لا نفسه ، والمراد بأحكامه هي الأحكام الثابتة له بلحاظ طريقيته ، وهي ليست الآثار المتيقّن ، فيئول النهي عن نقضها إلى النهي عن نقض آثار المتيقّن ، كما في الفرض الأوّل ، ولكن الفرق بينهما أنّما هو في كيفية التصرّف ، فليتأمّل.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٣٦ سطر ١٥ ، ٣ / ٧٩.