قوله قدسسره : وهذه الأحكام كنفس المتيقّن أيضا لها استمرار شأني ... الخ (١).
أقول : يعني فيما إذا كان المتيقّن من شأنه الاستمرار لا مطلقا ـ كما هو واضح ـ وقد نبّه بهذه العبارة على إمكان إبقاء النقض على ظاهره ، على تقدير تعلّقه بأحكام اليقين أيضا ، بإرادة الأحكام التي من شأنها الاستمرار ، لا مطلق رفع اليد عن أحكامه ، فلا يتمخّض في هذه الصورة أيضا لإرادة المعنى الثالث ، وإن كان قد يستشعر من ذيل العبارة خلافه.
وكيف كان ، فلا يتفاوت الحال بين أن يقال بأنّ المراد باليقين هو الشيء المحرز باليقين أي المتيقّن ، أو يقال بأنّ المراد به أحكام اليقين ، في إمكان بقاء «النقض» على ظاهره ، وتخصيص متعلّقه بما كان من شأنه الاستمرار ، بقرينة إضافة «النقض» إليه ، أو رفع اليد عن ظاهره ، بحمله على إرادة مطلق رفع اليد عن الشيء ، ولو لعدم المقتضي ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : هذا غاية ما أمكننا من توجيه ... الخ (٢).
أقول : وأوجه منه بحيث يسلم عن جميع الاعتراضات المتقدّمة ، تطبيق مذهب المحقّق رحمهالله على ما اخترناه في وجه حجّية الاستصحاب ، من عدم اعتناء العقلاء باحتمال الرافع ما لم يحرز وجوده ، حيث أنّ الظاهر أنّ قوله قدسسره «لكن احتمال ذلك معارض باحتمال عدمه» مسوق لبيان أنّ العارض مشكوك الحدوث ، فلا يلتفت إليه في رفع اليد عن مقتضى اليقين السابق ، لأنّ اليقين لا ينقض بالشكّ عند العرف والعقلاء ، بالتقريب الذي تقدّم تحقيقه بما لا مزيد
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٣٦ سطر ١٩ ، ٣ / ٨٠.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٣٨ سطر ٩ ، ٣ / ٨٦.