قوله قدسسره : وأضعف من ذلك أن يدّعى أنّ المعتبر عند العقلاء من الظنّ الاستصحابي ... الخ (١).
أقول : على القول باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ، هذه الدّعوى غير بعيدة ، إذ القائلون بهذا القول لا يقولون بحجّية مطلق الظنّ ، كي يشكل عليهم الالتزام بما ذكر ، فلا يبعد أن يدّعى أنّ العقلاء إنّما يعوّلون على هذا النوع من الظن بالخصوص لخصوصية فيه موجبة لذلك ، وهي الأنس بوجوده السابق الموجب لعدم رفع اليد عنه مع رجحان بقائه.
وامّا الظنون المتولّدة منه ، فحالها حال القياس وسائر الظنون الغير المعتبرة ، ولا أقلّ من أن يقال إنّ القدر المتيقّن الذي يمكن ادّعاء استقرار سيرة العقلاء عليه ، هو هذا لا غير ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : ثمّ إنّ معنى عدم اعتبار الاستصحاب في الوجودي ... الخ (٢).
أقول : عرفت أنّ معنى عدم اعتبار الاستصحاب في الوجودي ، أنّه لو تعلّق الشكّ أوّلا وبالذات ببقاء شيء في الزمان الثاني لا يعتدّ به ، بل يترتّب آثار عدمه ، لأنّ إثبات الحكم له فرع إحراز موضوعه ، وهذا إنّما هو في الشكّ في المقتضي ، وأمّا إذا كان الشكّ في بقاء الوجودي مسبّبا عن احتمال وجود رافعه أو غايته ، فلا يلتفت إلى المشكوك ، بل يمضي على ما كان ، ومرجعه إلى اصالة عدم الرافع لا استصحاب الوجود ، وقد تقدّم تحقيقه بما لا مزيد عليه ، فراجع.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٤٤ سطر ١٦ ، ٣ / ١٠٥.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٤٤ سطر ١٩ ، ٣ / ١٠٦.