قوله قدسسره : فأيّ فرق بين الشكّ في تحقّق الحدث أو الخبث ... الخ (١).
أقول : الإنصاف أنّ هذا النقض غير وارد عليه ، فانّ المحدث يزعم أنّ عدم خروج المذي قيد في الموضوع في القضية المتيقّنة ، وقد تبدّل بنقيضه ، فهو يرى أنّ المتوضئ الذي لم يبل أو يخرج منه مذي موضوع كلّي ، حكمه جواز الدخول في الصلاة ، والمتوضّئ الذي بال أيضا موضوع آخر ، حكمه عدم الجواز ، وقد علم حكم هذين الموضوعين من الأدلّة الشرعية ، وامّا المتوضّئ الخارج منه المذي ، فهو أيضا موضوع كلّي اشتبه حكمه ، فلو كان هذا الموضوع متّحدا مع الأوّل لعلم حكمه من ذلك الدليل الذي دلّ على حكمه في القضية المتيقّنة ، ولا يتمشّى مثل هذا الكلام فيما إذا كان منشأ الشكّ اشتباه الامور الخارجية ، كما لو شكّ في بقاء طهارته لأجل الشكّ في خروج البول ، أو كون الخارج منه بولا.
امّا الأوّل فواضح ، فإن تبدّل وصفه غير معلوم ، وامّا الثاني فانّه وإن علم بأنّه في السابق لم يكن خارجا منه شيء ، وفي اللاحق كان خارجا منه شيء ، وهما موضوعان متغايران ، ولكن خروج مطلق الشيء منه ليس موجبا لتبدّل الموضوع ، فانّه قد ثبت بالأدلّة الشرعيّة أنّه ما لم يخرج منه البول يجوز له الدخول في الصّلاة ، وإذا بال لا يجوز ، فالشيء الخارج إن كان بولا ، فقد اندرج المكلّف في الموضوع الذي علم أنّ حكمه المنع عن الصلاة ، وإلّا فمندرج في موضوع الجواز ، فالمغايرة بين الموضعين ـ أي موضوع القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ـ غير معلومة ، كي يتوجّه عليه النقص.
نعم ، يتوجّه عليه كفاية الشكّ فيه في عدم جريان الاستصحاب ، ولكن له أن يتفصّى عن ذلك باستصحاب نفس الموضوع ، وهو عدم خروج البول منه ، فيفرّع
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٤٨ سطر ١٠ ، ٣ / ١١٩.