والمحبوب النفس الأمري ، كعنوان الإطاعة المأخوذة قيدا في الواجبات التعبّدية ، وقد عرفت أنّ المرجع عند الشّك في اعتبار الإطاعة قيدا في الواجبات ـ أي كونها تعبّدية ـ البراءة مع أنّ وجوبها عقليّ ، واعتبارها قيدا في التعبّديات شرعي ، فكيف في مثل هذه التفاصيل التي لا وجوب لها عقلا! ، فشرطيّتها على تقدير تحقّقها منتزعة عن الإيجاب الشرعي ، كغيرها من الشرائط.
والحاصل : إنّه كلّما يشكّ في اعتباره قيدا للواجب الواقعي ، والمحبوب النفس الأمري ، سواء أمكن أخذه قيدا للمأمور به في العبادة أم لا ، يرجع فيه إلى البراءة.
نعم ، لو علم تعلّق غرضه بشيء ممّا يوجد مع المأمور به أحيانا ، أو بإتيانه بكيفيّة خاصّة ، يجب إحرازه ، والقطع بحصوله جزما ، لأنّ عنوان الواجب الواقعي على هذا التقدير ما يحصل به الغرض المعلوم لا المأمور به ، لأنّ الموضوع في حكم العقل بوجوب الإطاعة ، ما علم محبوبيّته للمولى ، وأنّه لا يرضى بتركه سواء وفي ببيانه لفظه أم لا ، والمدار في ذلك على العلم بذلك لا على الشّك ، لما ذكرنا من أنّ العلم معتبر في موضوع حكم العقل بوجوب الإطاعة ، فلو شكّ في تعلّق غرضه بشيء ممّا يمكن انفكاكه عن المأمور به ، لا يلتفت إليه أصلا ، ولا يجب القطع بحصوله جزما ، لأنّ إظهار ما في ضميره ، والتكليف بما يفي بتمام غرضه ، من وظيفته ، والعقاب على ما تعلّق به غرضه ، من دون بيانه للعبد وعلم العبد به قبيح.
وممّا ذكرنا ظهر ما في تقريب الاستدلال من المغالظة ، لظهور الفرق بين العلم بتعلّق غرضه بشيء غير حاصل واحتماله ، وما نحن فيه من الثاني لا الأوّل ، وقد عرفت أنّه يجب الاحتياط في الأوّل من دون الثاني.
وامّا ما ذكر من أنّ مقاصد العقلاء في أوامرهم غالبا معلومة ، وأنّهم لا يرتابون في حصولها بوجود المأمور به ، ولذا يحكمون بحصول الإطاعة في أوامرهم العرفيّة ، بمجرّد إيجاد المأمور به بداعي الأمر.