وامّا الكلام في القسم الثاني : فحيث أنّ المفروض أنّه لا مخالفة له من حيث العمل ، فمرجعه إلى أنّ الالتزام بحكم الله الواقعي على ما هو عليه في حدّ ذاته واجب في مرحلة الظاهر ، فلا يجوز مخالفة المعلوم بالإجمال ، والرجوع إلى الاصول الجارية في أطراف العلم الإجمالي ، أم لا؟
فإن جوّزنا ذلك ، وقلنا إنّ العلم الإجمالي الذي لا أثر له بمنزلة العدم ، فنقول في الإناءين المشتبهين الذين علم سبق نجاستهما ، أنّ حكم الله الظاهري في مقام العمل نجاستهما للاستصحاب ، وكذا في مسألة التوضّي بالماء المشتبه ، بقاء الحدث وطهارة البدن ، لأجل الاستصحاب ، وفي مسألة دوران الأمر بين المحذورين ، الإباحة وبراءة الذمّة عن كلّ واحد من التكليفين.
وهذا بخلاف ما لو قلنا بأنّ الالتزام بالحكم الواقعي الذي تعلّق به العلم واجبة ، فانّه لا يجوز على هذا التقدير الرجوع إلى الاصول المذكورة ، أعني الحكم بنجاسة الإناءين ، أو ببقاء الحدث ، وطهارة البدن ، أو الاباحة في مسألة دوران الأمر بين المحذورين ، كما لا يخفى.
بقى في المقام شيء ؛ وهو إنّا ولو قلنا بأنّه لا أثر للعلم الإجمالي في مثل العوض من حيث التكليف ، إلّا أنّ وجوده مانع عن اجراء الاصول المذكورة في موارد العلم الإجمالي ، لما سينتج تحقيقه فيما بعد من أنّ العلم الإجمالي كالتفصيلي رافع لموضوع الأصل.
نعم ، لو قلنا بأنّ المانع عن اجراء الاصول في أطراف العلم الإجمالي معارضة الاصول ، واستلزام العمل بكلّ منهما الترخيص في معصية الحكم المعلوم بالإجمال ، لاتّجه ما ذكرنا ، إلّا أنّه في معرض المناقشة بل التحقيق ، كما سيوضّحه المصنّف قدسسره ، أنّ أدلّة الاصول قاصرة عن شمول أطراف العلم ، فعلى هذا لا بدّ في الموارد المذكورة من الرجوع الى القواعد ، في كلّ مورد بحسبه ، لا إلى الاصول المذكورة. ولا ينافي ذلك ما