قوله قدسسره : بل القطع أيضا ... الخ (١).
أقول : قد يتوهّم بطلان النقض بالقطع ، لا للوجه الذي سيذكره المصنّف قدسسره ، بل لأجل أنّ القطع طريق بنفسه لا بجعل جاعل ، حتّى يصلح للاتّصاف بالقبح على تقدير التخلّف ، فيكون شاهدا لما نحن فيه.
وفيه : انّ مناط النقض ليس كون الطريق مجعولا أو منجعلا بنفسه ، بل المناط إنّما هو جواز اتّباع طريق قد يتخلّف عن الواقع ، سواء كان اتّباعه بالزام العقل أو بأمر الشارع ، فكما أنّه يجوز للعقل الالزام باتّباع القطع ، مع أنّه قد يتخلّف عن الواقع ، كذلك يجوز للشارع الإلزام باتّباع الظّن ، إذ لا فرق في القبح بين كون الحاكم هو العقل أو الشارع ، فانحصر دفع هذا النقض بما أفاده المصنّف قدسسره من أنّ باب احتمال التخلّف عن الواقع منسدّ عند القاطع ، فلأجل ذا يحكم عقله بوجوب اتّباع قطعه.
نعم ، لو جاز قيام هذا الاحتمال لدى القاطع ، وألزمه مع ذلك عقله بوجوب اتّباع قطعه ، مع تمكّنه من سلوك طريق لم يكن فيه هذا الاحتمال ، لكان النقض وجيها ، إلّا أنّ الفرض غير ممكن.
قوله قدسسره : واخرى بالحلّ ... الخ (٢).
أقول : حاصله أنّ الممتنع إنّما هو اجتماع حكمين متضادّين في موضوع واحد في مرتبة واحدة ، من حيث الفعليّة أو الشأنيّة ، بأن يكونا إمّا فعليين أو شأنيين. وامّا إذا كانا مختلفين ـ كما هو المسلّم لزومه في المقام ـ فلا استحالة فيه ، كما سيتّضح لك وجهه إن شاء الله.
والمراد بالحكم الفعلي هو الحكم المنجّز الذي لا يعذر المكلّف في مخالفته ،
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٥ سطر ٥ ، ١ / ١٠٧.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٥ سطر ٥ ، ١ / ١٠٧.