أهل الصعيد ولا يستعرفون ، فبني ذلك من أهل النوبة. وقيل أمر بعض الملوك أفلاطون فبني بناحية مصر ممّا يلي البرّ حائطا طوله ثلاثون فرسخا ما بين الفرما إلى أسوان حاجزا بينهم وبين الحبشة.
وبالفسطاط صورة امرأة من حجر عظيمة قاعدة ، على رأسها إجّانة وعلى كلّ واحدة من ركبتيها درجة إلى غرفة ، تسمّى أمّ يزيد الخولانيّة.
وقالوا : البطّ ترعى بمصر كما ترعى الغنم ، وبها الثعابين وليس هي في بلد غيرها ، وإليها حوّل الله عصا موسى ، قال الله عزّ وجلّ : (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) يعني أنه حوّلها ثعبانا. ومن أعاجيب مصر النمس ، وليس ذلك لأحد غيرهم ، وهي من عجائب الدنيا ، وذلك أنها دويبّة متحرّكة كأنها قديرة ، فإذا رأت الثعبان دنت منه ، فينطوي الثعبان عليها يريد أن يعضّها ويأكلها ، فتزفر زفرة تقدّ الثعبان بقطعتين ، وربّما قطعته قطعا ، ولولا النمس لأكلت الثعابين أهل مصر ، وهي هناك أنفع لأهلها من القنافذ لأهل سجستان ، وسجستان بلد كثير الأفاعي وفي شروطهم أن لا يقتل لهم قنفذ ولا يصاد. وبمصر أعجوبة أخرى وهي التمساح ، لا يكون إلّا في النيل ، ويكون في نهر السند مهران (١) ، فإذا عضّ أوغل أسنانه واختلفت ، فلم يدع ما أخذه حتى يقطع بأسنانه ما قبض من شيء ، وحنكه الأعلى يتحرّك ولا يتحرّك الأسفل ، وليس ذلك في غيره من الدوابّ ، ولا يعمل الحديد في جلده ، وما بين رأسه وذنبه عظم واحد ، وليس يلتوي ولا ينقبض لأنه ليس في ظهره خرز ، وإذا انقلب لم يستطع أن يتحرّك ، وإذا سفد الذكر الأنثى خرج من النيل فيلقيها على ظهرها ثم يأتيها مثل ما يفعل الرجل بالمرأة ، فإذا فرغ أقلبها ، وإن أقرّها على ظهرها صيدت ، لأنها لا تقدر أن تنقلب ، وذنب التمساح حاد جدا ، فربّما قتل من الضربة ، وربّما جرّ الثور إلى نفسه فيأكله ، وله بيض مثل بيض الأوزّ ، ويبيض ستّين بيضة ، وله ستّون فإذا سفد ففي ستّين مرّة ، فإذا خرج التمساح من بيضة خرج مثل الحرذون في خلقه وجسمه ، فيعظم حتى يكون عشرة أذرع أو
__________________
(١) في معجم البلدان ٤ : ٧٦٦ (ويقال إنه أيضا بنهر السند إلّا أنه ليس في عظم المصري ، فإذا عضّ ...).