مكانا لم ينفذ وراءه ، فصوّر فرسا من نحاس عليه فارس من نحاس ممسك على عنان فرسه بيسرى يديه ، ومادّ يده اليمنى مكتوب فيها بالحميريّة ليس ورائي مسلك ، فهذا عمّر عمرا طويلا حتى عاش سبع مائة سنة ، وأوتي من كلّ شيء سببا ، ورفع إلى السماء وكان يسمّى عيّاشا ، والروميّ عمّر عمرا قليلا وكانت سيرته أخبث سيرة.
وقال عطاء بن أبي خالد المخزوميّ : كانت الإسكندريّة بيضاء تضيء بالليل والنهار ، فكانوا إذا غربت الشمس لم يخرج منهم واحد من بيته ، ومن خرج اختطف ، وكان لهم راع يرعى الغنم على شاطئ البحر ، وكان يخرج من البحر شيء فيأخذ من غنمه فكّمن له الراعي في بعض المواضع حتى خرج ، فإذا جارية فتشبّث بشعرها ومانعته فذهب بها إلى منزله ، فآنست بهم فرأتهم لا يخرجون بعد غروب الشمس ، فسألتهم عن ذلك فأخبروها أن من خرج في ذلك الوقت اختطف ، فعملت لهم الطلسمات وكانت أوّل من وضع الطلسمات بمصر.
ويروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : عجائب الدنيا أربع (١).
مرآة معلّقة بمنارة الإسكندريّة ، كان يجلس الجالس تحتها فيرى من بالقسطنطينيّة ، وبينهما عرض البحر.
وفرس نحاس : عليه راكب من نحاس بأرض الأندلس باسط يده رافعها ، عليه مكتوب ليس خلفي مسلك ، ولا يطأ تلك البلاد أحد إلّا ابتلعه النمل.
ومنارة من نحاس بأرض عاد ، عليها راكب من نحاس ، فإذا كان الأشهر الحرم هطل منه الماء ، فشربوا منه وسقوا وصبّوا في الحياض والآبار ، فإذا انقضت الأشهر الحرم انقطع ذلك الماء.
وشجرة من نحاس : عليها سودانيّة من نحاس بأرض روميّة ، فإذا كان أوان الزيتون صفرت السودانيّة التي من نحاس ، فتجيء كلّ سودانيّة من الطيارات بثلاث زيتونات زيتونة في منقارها وزيتونتان في رجليها حتى تلقيها على الشجرة فيعصر
__________________
(١) في الأصل أربعة.