من ذهب يمشون بها أمام القرابين. ومن المصاحف الذهب والفضة عشرة آلاف مصحف. وللبيعة وحدها سبعة آلاف حمّام سوى غير ذلك من المستغلات.
ومجلس الملك المعروف بالبلاط يكون مساحته مائة جريب وخمسين جريبا ، والإيوان الذي فيه مائة ذراع في خمسين ذراعا ملبّس كله ذهبا. وقد مثّل في هذه الكنيسة مثال كل نبي منذ آدم عليه السلام إلى عيسى ابن مريم عليه السلام ، لا يشك الناظر إليهم أنهم أحياء. وفيها ثلاثة آلاف باب نحاس مموّه بالذهب ، وحول مجلس الملك مائة عمود مموّهة. بالذهب على كل واحد منها صنم من نحاس مفرّغ ، في يد كل صنم جرس مكتوب عليه ذكر أمّة من الأمم وجميعها طلسمات ، فإذا همّ بغزوها ملك من الملوك تحرك ذلك الصنم وحرك الجرس الذي في يده فيعلمون أن ملك تلك الأمة يريدهم فيأخذون حذرهم.
وحول الكنيسة حائطان من حجارة طولهما فرسخ وارتفاع كل واحد منهما مائة ذراع وعشرون ذراعا. لهما أربعة أبواب. وبين يدي الكنيسة صحن يكون خمسة أميال في مثلها في وسطه عمود من نحاس ارتفاعه خمسون ذراعا. وهذا كله قطعة واحدة مفرغة وفوقه تمثال طائر يقال له السوداني (١) ، من ذهب على صدره نقش طلسم وفي منقاره مثال زيتونه وفي كل عشرين واحدة من رجليه مثال ذلك. فإذا كان أوان الزيتون لم يبق طائر في الأرض إلّا وأتى وفي منقاره زيتونه وفي كل واحدة من رجليه زيتونة حتى يطرح ذلك على رأس الطلسم. فزيت أهل رومية وزيتونهم من ذلك. وهذا الطلسم عمله لهم بليناس صاحب الطلسمات. وهذا الصحن عليه أمناء وحفظة من قبل الملك ، وأبوابه مختومة ، فإذا امتلأ وذهب أصل الزيتون اجتمع الأمناء فعصروه فيعطى الملك والبطارقة ومن يجري مجراهم قسطهم من الزيت ويجعل الباقي للقناديل التي للبيع. وهذه القصة ـ أعني قصة السوداني ـ مشهورة قلما رأيت كتابا تذكر فيه عجائب البلاد إلّا وقد ذكرت فيه.
وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : من عجائب الدنيا شجرة
__________________
(١) السودانية والسودانة : طائر من الطير الذي يأكل العنب والجراد (لسان العرب ، سود).