وهم أهل الإيمان والطاعة ، ومنهم من خلقهم ليظهر فيهم حلمه وعفوه ، وهم أهل العصيان ، ومنهم من خلقهم ليظهر فيهم عدله وقهره ونقمته ، وهم أهل الكفر والطغيان. وقال الحكيم الترمذي رضي الله عنه : إن الله خلق الخلق عبيدا ليعبدوه ، فيثيبهم على العبادة ، ويعاقبهم على تركها ، فإن عبدوه فهم اليوم له عبيد ، أحرار كرام من رق الدنيا ، ملوك فى دار السلام ، وإن رفضوا العبودية فهم اليوم عبيد أبّاق ، سقاط ، لئام ، أعداء فى السجون بين أطباق النيران. ه.
وقال بعضهم : إنما أظهر الله الكون لأجل نبينا صلىاللهعليهوسلم تشريفا له ، فهو من نوره. قال ابن عباس رضي الله عنه : أوحى الله تعالى إلى عيسى عليهالسلام : يا عيسى بن مريم ؛ آمن بمحمد ، ومر أمتك أن يؤمنوا به ، فلو لا محمد ما خلقت آدم ، ولو لا محمد ما خلقت الجنة والنار ... الحديث.
قال القشيري : حسابه على الله فى آجله ، وعذابه من الله له فى عاجله ، وهو ما أودع قلبه حتى رضى أن يعبد معه غيره ، لقوله : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (١) ، كلام حاصل عن غير دليل عقل ، ولا شهادة خبر ونقل ، فما هو إلا إفك وبهتان ، وقول ليس يساعده برهان. ه. وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق ـ وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد ، وآله وصحبه وسلم تسليما ، والحمد لله رب العالمين (٢).
__________________
(١) من الآية ٣ من سورة الزمر.
(٢) فى خاتمة المجلد الثاني من النسخة الأم ما يلى : كمل السفر الثاني من (البحر المديد فى تفسير القرآن المجيد) ، ووافق الفراغ من تبيضه عشية يوم الثلاثاء ، سابع عشر صفر ، عام ثمانية ومائتين وألف ، على يد جامعه «أحمد بن محمد بن عجيبة الحسنى» لطف الله به فى الدارين ، بمنّه وكرمه ـ وبسيدنا ومولانا محمد ، نبيه وحبه صلىاللهعليهوسلم وعلى آله. وآخر دعوانا : أن الحمد لله رب العالمين. يتلوه الثالث من أول سورة النور ـ إن شاء الله ـ.
انتهى استخراجه من نسخة من مبيضته بحمد الله ـ تعالى ـ على توفيقه لنا وتسديده ، عشية يوم الاثنين ، آخر يوم من الشهر المذكور ، من العام المذكور ، على يد كاتبه لشيخه ومؤلفه المذكور «عبد الغفور بن التهامي البناني» ، راجيا رضا مؤلفه ، والري من بحره ، بمحض الفضل والكرم ، والصلاة على النبي الأعظم ، والرسول الأفخم ، سيدنا محمد ، عليه أفضل الصلاة والسلام.