من تنفيسه وإزالة الكرب والشدائد ، فمن التنفيس بالريح : النصر بالصبا ، وذر الأرزاق بها ، وجلب الأمطار ، وغير ذلك مما يكثر عده. قاله ابن عطية.
والمختار فى تفسير اللواقح : أنها حاملة للماء ، بدليل قوله : (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) أي : جعلناه لكم سقيا. يقال : سقى وأسقى بمعنى واحد عند الجمهور. (وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) : بممسكين له فى الجبال ، والغدران ، والعيون ، والآبار ، فتخرجونه متى شئتم ، بل ذلك من شأن المدبر الحكيم ، فإن طبيعة الماء تقتضى الغور ، فوقوفه دون حد لا بد له من مسبب مخصص ، وجريه بلا انتهاء لا يكون إلا بقدرة السميع العليم ، الذي لا تتناهى قدرته. أو : (وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) ؛ بقادرين متمكنين من إخراجه وقت الاحتياج إليه. نفى عنهم ما أثبته لنفسه بقوله : (عِنْدَنا خَزائِنُهُ).
(وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) أي : نحيى من نريد إحياءه بإيجاد الحياة فيه ، ونميت من نريد إماتته بإزالة الحياة منه. وقد أول الحياة بما يعم الحيوان والنبات. وتكرير الضمير ؛ للدلالة على الحصر. (وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) : الباقون إذا مات الخلائق كلهم.
(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) أي : علمنا من تقدم ؛ ولادة ، ومن تأخر ، أو من خرج من أصلاب الرجال ومن لم يخرج بعد ، أو من تقدم إلى الإسلام والجهاد وسبق إلى الطاعة ، ومن تأخر ، لا يخفى علينا شىء من أحوالكم. وهو بيان لكمال علمه بعد الاحتجاج على كمال قدرته ، فإنّ ما يدل على كمال قدرته دليل على كمال علمه. قيل : رغّب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الصف الأول ، فازدحموا عليه ، فنزلت ، وقيل : إن امرأة حسناء كانت تصلى خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتقدم بعض القوم ؛ لئلا ينظر إليها ، وتأخر بعض ؛ ليبصرها ، فنزلت. قاله البيضاوي.
(وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) لا محالة للجزاء ، كأن هذا هو الغرض من ذكر العلم بالمتقدمين والمتأخرين ؛ لأنه إذا أحاط بهم علما لم تصعب عليه إعادتهم وحشرهم. (إِنَّهُ حَكِيمٌ) باهر الحكمة ، (عَلِيمٌ) ؛ واسع العلم والإحاطة بكل معلوم. قال البيضاوي : وفى توسيط الضمير ـ يعنى فى قوله : (هُوَ يَحْشُرُهُمْ) ؛ للدلالة على أنه القادر والمتولى لحشرهم لا غيره ، وتصدير الجملة بأن ؛ لتحقيق الوعيد والتنبيه على أن ما سبق من الدلالة على كمال قدرته وعلمه بتفاصيل الأشياء يدل على صحة الحكم. ه.
الإشارة : ولقد جعلنا فى سماء قلوب العارفين بروجا ، وهى المقامات التي ينزلون فيها بشموس عرفانهم ، وهى : التوبة ، والخوف ، والرجاء ، والورع ، والزهد ، والصبر ، والشكر ، والرضى ، والتسليم ، والمحبة ، والمراقبة ،