فخلط الله المؤمنين بعضهم ببعض ، وصارت المواريث بالملل.
غير واحد من العلماء أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا يتوارث أهل ملّتين.
ذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر ، لا يتوارث أهل ملّتين شتّى (١).
وقال الحسن : أراد أن يحضّ الأعراب على الهجرة ، فلم يكن الأعرابيّ يرث المهاجر ولا المهاجر الأعرابيّ. وهو منسوخ.
قوله : (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) : لهم ، يعني الأعراب ، لحرمة الإسلام. (إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) : يعني أهل الموادعة وأهل العهد من مشركي العرب ، من كان بينه وبين رسول الله عهد ، فنهي المسلمون عن أهل ميثاقهم (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٧٢) : أي لا يخفى عليه شيء من أعمالكم.
قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) : أي في الألفة والجماعة على معاصي الله. (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (٧٣).
نزلت هذه الآية حين أمر النبيّ بقتال المشركين كافّة ، وقد كان قوم من المشركين يكونون بين رسول الله وبين حربه (٢) من قريش. فإذا أرادهم رسول الله قالوا له : ما تريد منّا ونحن كافون عنك ، وقد نرى ناركم. وكان أهل الجاهليّة يعظّمون النار لحرمة قرب الجوار ، لأنّهم إذا رأوا نارهم فهم جيرانهم. وإذا أرادهم المشركون قالوا : ما تريدون منّا
__________________
(١) حديث متّفق على صحّته ؛ أخرجه البخاريّ في كتاب الفرائض ، باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ، وكذلك أخرجه مسلم في أوّل حديث في كتاب الفرائض (١٦١٤) كلاهما عن أسامة بن زيد. وأخرجه الربيع بن حبيب في مسنده في المواريث عن أسامة بن زيد (رقم ٦٧١) وقال الربيع : «يعني بالكافر ههنا المشرك». وأخرجه أحمد في مسنده والترمذيّ فى سننه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه.
(٢) أي : وبين أعدائه من قريش. يقال : أنا حرب لمن حاربني ، وهم حرب ، كذلك. وقيل : إنّ الكلمة جمع حارب أو محارب على حذف الزائد ، كما يقال : هم قوم سفر لجماعة المسافرين. انظر : اللسان (حرب).