(أَتَخْشَوْنَهُمْ) : على الاستفهام ، فلا تقاتلوهم (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٣) : أي إذ كنتم مؤمنين فالله أحقّ أن تخشوه ، وليس أحد أشدّ خشية لله من المؤمنين.
(قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) : يعني القتل في الدنيا (وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (١٤) : والقوم المؤمنون الذين شفى الله صدورهم حلفاء رسول الله من مؤمني خزاعة ؛ فأصابوا يومئذ ، وهو يوم فتح مكّة ، مقيس بن صبابة (١) في خمسين رجلا من قومه.
وقال مجاهد : (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ ، أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي قاتلوا حلفاء محمّد عليهالسلام. قال : (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) أي : خزاعة ، حلفاء محمّد ، من آمن منهم.
ذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال يوم فتح مكّة ، كفّوا السلاح إلّا خزاعة من بني بكر (٢).
__________________
(١) في المخطوطات الأربع : «مقسم» ، وفيه تصحيف ، صوابه ما أثبتّ من ز ، ورقة ١٢٤ ، ومن سيرة ابن هشام ، ج ٢ ص ٢٩٣ ، ومن جمهرة أنساب العرب لابن حزم ، ص ١٨٢ : «مقيس بن صبابة». وهو الذي أهدر رسول الله صلىاللهعليهوسلم دمه يوم فتح مكّة ، وكان قدم المدينة مظهرا إسلامه ، ومطالبا بدية أخيه هشام. فأمر له النبيّ عليهالسلام بدية أخيه. ولكنّه عدا ، بعد مدّة ، على قاتل أخيه فقتله ، ورجع إلى مكّة مرتدّا ، وقال في ذلك شعرا.
(٢) كذا في المخطوطات الأربع : «كفوا السلاح إلّا خزاعة من بني بكر». ومعنى هذا الحديث أنّ النبيّ عليهالسلام أمر الناس أن يكفّوا عن القتال ، قتال المشركين يوم الفتح ، إلّا خزاعة فقد استثناها من هذا الأمر لتنتقم من بني بكر الذين كانوا قاتلوهم قبل الفتح ، وأعانتهم في ذلك قريش. وكان هذا الاستثناء ، لدى المفسّرين ، هو معنى قوله تعالى : (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) : مؤمني خزاعة ، حلفاء النبيّ عليهالسلام. وقد أورد هذا الحديث أبو عبيد القاسم ابن سلّام مسندا في كتاب الأموال ، ص ١٤٥ ، وبتفصيل أكثر. ولفظه : «كفّوا السلاح إلّا خزاعة عن بني بكر ، فإنّ لهم حتّى صلاة العصر». ثمّ قال : «كفّوا السلاح». وذكر ابن هشام في السيرة ، ج ٣ ص ٤١٤ ـ ٤١٦ أنّ خزاعة عدت في الغد من يوم الفتح على رجل مشرك من هذيل ، فقتلوه في الحرم ، فقال النبيّ عليهالسلام : «يا خزاعة ، ارفعوا أيديكم عن القتال ، فقد كثر القتل إن نفع ، لقد قتلتم قتيلا لأدينّه. وانظر تفسير الطبري ، ج ١٤ ص ١٦٠ ـ ١٦١.