ذكر بعضهم قال : كان يقال : ما كان من حلف في الجاهليّة فإنّ الإسلام لا يزيده إلّا شدّة ، ولا حلف في الإسلام (١)
قوله : (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) : أي من أهل مكّة (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٥).
قوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا) : أي : فلا يفرض عليكم الجهاد (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ) : أي ولمّا يعلمكم فاعلين لما فرض عليكم ، وهو علم الفعال (٢). (الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) : أي دخلا. وقال بعضهم : بطانة ، وهو واحد. أي : مثلما صنع المنافقون (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) أي : إلى الكفّار المشركين (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) [البقرة : ١٤] أي : في المودّة والهوى. قال الله : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٦).
قوله : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) وهذا كفر الشرك ، وهذا حين نفي المشركون من المسجد الحرام.
قوله : (شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) يقول : كلامهم يشهد عليهم بالكفر. (أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) : في الدنيا والآخرة. (وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) (١٧).
(إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) : يعني الكعبة (٣) لأنّها مسجد جميع الخلق ، إليها
__________________
(١) حديث صحيح. رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة ، باب مؤاخاة النبي صلىاللهعليهوسلم بين أصحابه عن جبير بن مطعم (رقم ٢٥٣٠). ورواه ابن جرير عن ابن عبّاس. ورواه أحمد عن قيس بن عاصم أنّه سأل النبيّ عليهالسلام عن الحلف فقال : «ما كان من حلف في الجاهليّة فتمسّكوا به ، ولا حلف في الإسلام».
(٢) جاء في ز ، ورقة ١٢٤ ما يلي : «قال محمّد : قد علم الله قبل أمرهم بالقتال من يقاتل ممّن لا يقاتل ، ولكنّه كان يعلم ذلك غيبا ، فأراد الله العلم الذي يجازي به وتقوم به الحجّة ، وهو علم الفعال».
(٣) هذا قول غير مسلّم به ؛ لأنّه لا خلاف في أنّ القراءة وردت في قوله تعالى : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) بالجمع ؛ فالمقصود بها إذا جميع المساجد ، حتّى يشمل فضل العمارة جميع بيوت الله ، وينال أجرها كلّ مؤمن يعمر أيّ بيت من بيوت الله. أمّا في الآية السابقة : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) فقد قرأ ابن كثير وأبو ـ