يؤمّون. (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (١٨) : وعسى من الله واجبة.
قوله : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٩) : أي لا يكونون بالظلم عند الله مهتدين. وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم.
ذكروا أنّ مجاهدا قال : أمروا بالهجرة ، فقال عبّاس بن عبد المطلب : أنا أسقي الحاجّ ، وقال طلحة ، أخو بني عبد الدار : وأنا حاجب الكعبة ، فلا نهاجر (١). فنزلت هذه الآية ... إلى قوله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ ، أَجْرٌ عَظِيمٌ). وكان هذا قبل فتح مكّة.
وقال الحسن : اختلف أناس من أصحاب النبيّ عليهالسلام فقال بعضهم : من أقام على السقاية للمسجد الحرام أفضل ممّن جاهد. وقال بعضهم : المجاهد في سبيل الله أفضل ممّن أقام على السقاية وعمر المسجد الحرام (٢). وقال بعضهم : بلغنا أنّ الذي ذكر بالجهاد في هذا الموضع عليّ بن أبي طالب.
قوله : (لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ) قال الحسن : أي : إنّ المؤمن المجاهد أفضل. أي أهل هذه الصفة ليسوا سواء.
قال : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ
__________________
ـ عمرو فيها على التوحيد : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) وقرأ الباقون بالجمع ، فيمكن أن يكون المقصود بها الكعبة البيت الحرام دون غيرها من المساجد. وهذا وجه له حظّ قويّ من النظر. انظر الحجّة لابن خالويه ، ص ١٤٩. والتيسير للداني ، ص ١١٨.
(١) وقع اضطراب في النسخ في الاستشهاد بالآية. فقد ورد في ق وع وج بعد قوله : «فلا نهاجر» هذه الجملة : «فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ ، أَوْلِياءَ ...). وهذا خطأ أثبتّ صوابه من ز ، ورقة ١٢٤.
(٢) في بعض المخطوطات : «الجهاد في سبيل الله أفضل ممّن أقام على السقاية ...» ، والتعبير صحيح له في الأسلوب العربيّ نظائر ، بل له نظير في هذه الآية نفسها.