غيركم؟ فقالوا : والله يا نبيّ الله ، والله لو عمدت بنا إلى نعمان (١) من ذي يمن لكنّا معك. ثمّ أنزل الله نصره ، وهزم عدوّه ، وتراجع المسلمون.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) : قال بعضهم : الأنجاس : الأخباث. وقال بعضهم : الأقذار. (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) : يعني العام الذي حجّ فيه أبو بكر ونادى فيه عليّ بالأذان. وقد فسّرناه قبل هذا الموضع.
قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) : وهي الفاقة (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢٨) : كانوا يصيبون في مواشيهم في أسواقهم (٢). فلمّا أمر الله أن ينفى المشركون عن المسجد الحرام إذا انقضى الأجل الذي بقي من عهدهم فلا يقربوا المسجد الحرام بعد ذلك العام ، قال : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) (٣) لما كانوا يصيبون من أسواقهم في
__________________
ـ هذه الغزوة.
(١) جاء في تفسير الطبريّ ، ج ١٤ ص ١٨٠ : «إلى برك الغماد من ذي يمن». وفي اللسان : «برك ونعمان موضعان من أطراف اليمن». ونعمان حصن في جبل وصاب باليمن من أعمال زبيد ، وهو اسم لحصنين آخرين باليمن. انظر ياقوت ، معجم البلدان ، ج ٥ ص ٢٩٤.
(٢) كذا في ق وع ود : «في مواشيهم في أسواقهم». ولست مطمئنّا إلى كلمة «مواشيهم» هنا ، ولم أر وجها لاختصاصها من سائر ما يصيبون من المشركين. ولعلّ صواب العبارة : «يصيبون في مواسمهم وفي أسواقهم». وجاء تفسير هذا في ز ، ورقة ١٢٥ بعبارة أوضح ، جاء فيه : «كان لأهل مكّة مكسبة ورفق ممّن كان يحجّ من المشركين ، فلمّا عزلوا عن ذلك اشتدّ عليهم ، فأعلمهم الله أنّه يعوّضهم منذلك».
(٣) العيلة مصدر عال يعيل إذا افتقر. قال أحيحة بن الجلاح الأوسي من قصيدة مطلعها :
صحوت عن الصّبا والدهر غول |
|
ونفس المرء آونة قتول |
إلى أن يقول :
وما يدري الفقير متى غناه |
|
وما يدري الغنيّ متى يعيل |
... وفيها :
وما تدري وإن أجمعت أمرا |
|
بأي الأرض يدركك المقيل |
وانظر الأبيات عند أبي زبد القرشي ، جمهرة أشعار العرب ، ج ٢ ص ٦٤٨ ـ ٦٥٠. وانظر : مجاز أبي عبيدة ، ج ١ ص ٢٥٥.