المواشي (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ) : أي دين الإسلام ، وهو دين الحقّ (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٢٩) : فأمر بقتال أهل الكتاب حتّى يسلموا أو يقرّوا بالجزية. فجعل الله للمسلمين مكان ما كانوا يصيبون في أسواقهم في مواشيهم الجزية الدّارّة ، تؤخذ من أهل الكتاب كلّ عام عن ظهر يد. وجميع المشركين ، ما خلا العرب ، بتلك المنزلة ، إذا أقرّوا بالجزية قبلت منهم.
وقال بعضهم : كان المسلمون يبايعون المشركين وينتفعون منهم ؛ فلمّا عزلوا عن ذلك اشتدّ ذلك على المسلمين ، فأنزل الله هذه الآية ، فأغناهم الله بالجزية الجارية ، يأخذونها شهرا شهرا ، وعاما عاما.
وقال مجاهد : قال المؤمنون : كنّا نصيب من متاجر المشركين ، فوعدهم الله أن يغنيهم من فضله عوضا لهم بألّا يقربوا المسجد الحرام.
قال مجاهد : هذه الآية مع أوّل براءة في القراءة ، ومع آخرها في التأويل. وقال مجاهد: (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) : أمر النبيّ وأصحابه بغزوة تبوك.
ذكر الحسن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين ، وأخذ عمر من فارس.
ذكر أنّ عمر سأل عن المجوس فقال عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول صلىاللهعليهوسلم يقول: سنّوا فيهم سنّة أهل الكتاب (١).
__________________
(١) روى البخاريّ في كتاب الجهاد ، باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب ، وروى كذلك أبو داود في كتاب الخراج والإمارة والفيء ، باب في أخذ الجزية من المجوس ، كلاهما يروى عن بجالة قال : «... ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتّى شهد عبد الرحمن بن عوف أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخذها من مجوس هجر». وفي رواية : «قال عبد الرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» ، انظر البغوي ، شرح السنّة ، ج ١١ ص ١٦٨ ـ ١٦٩ (رقم ٢٧٥٠ ـ ٢٧٥١).