ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين ، وأخذ عمر من فارس ، وأخذ عثمان من البربر. قال : وأمّا من دخل من العرب في أهل الكتاب فقد فسّرنا ذلك في سورة البقرة (١).
ذكروا أنّ خالد بن الوليد صالح نصارى بني تغلب بالشام على الضعف ممّا يؤخذ من المسلمين من مواشيهم ، ثمّ كتب بذلك إلى عمر فأجازه.
ذكروا أنّ عليّا قال : لا تأكلوا ذبائح نصارى العرب ، فإنّهم لم يبلغوا من النصرانيّة إلّا شرب الخمر. قال : فكان يرى قتلهم إن لم يسلموا. وأحبّ ذلك إلينا أنّه من كان دخل في أهل الكتاب قبل أن تنزل الآية فهم منهم ، ومن دخل بعد نزول الآية لم يقبل منه ذلك وقتل.
قوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) : قال اللهعزوجل : (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ) : أي يشابهون (قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) : قال بعضهم : ضاهت النصارى قول اليهود قبلهم ، قالت النصارى : المسيح بن الله ، وقالت اليهود : عزير ابن الله. (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٣٠) : أي لعنهم الله جميعا كيف يصرفون ، أي عن الحقّ.
قوله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) أي اتّخذوه ربّا (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً) وهو الله (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا شريك له (سُبْحانَهُ) : ينزّه نفسه (عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١).
ذكروا عن عديّ بن حاتم الطائيّ أنّه قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال : يا عديّ ، ألق هذا عن عنقك. قال : وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة. فلمّا أتى على هذه الآية : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ ، أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) قلت : إنّا لا نتّخذهم أربابا من
__________________
(١) انظر ما سلف من هذا التفسير ، ج ١ ، تفسير الآية ٢٥٦ من سورة البقرة.