ويحرّم صفر مكان المحرّم. فإذا كان العام المقبل حرّم المحرّم وأحلّ صفر.
ذكروا أنّ مجاهدا قال : كانوا يحرّمون المحرّم عاما ويحرّمون صفر عاما. وكانت هوازن وغطفان وبنو سليم يفعلونه.
وقال بعضهم : كان أناس من أهل الضلالة زادوا صفر في الأشهر الحرم ؛ فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول : ألا إنّ آلهتكم قد حرّمت العام صفر ، فيحرّمونه ذلك العام ، فكانوا يسمّونهما الصفرين. وكان أوّل من أنسأ النسيّ صفوان بن أميّة أبو ثمامة من بني مالك بن كنان ، أحد بني فقيم.
وذكر لنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في خطبته يوم منّى : ألا إنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، وإنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان (١). وكان هرم يسمّي رجب في الجاهليّة منتصل الأسنّة. ذكروا أنّ مجاهدا قال : (يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً) رجب. وذكر ابن مجاهد أنّ مجاهدا قال : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) ليعرف بها الناس النسيّ ، أي : ما ينقص من السنة.
قوله : (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ) : أي ما كانوا يصنعون من ذلك. (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٣٧) : أي الذين يموتون على كفرهم ، أي : لا يكونون بما صنعوا من ذلك مهتدين عند الله.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) : وهو مثل قوله : (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) [الأعراف : ١٧٦] وهو الرضا بالدنيا. قال : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) : أي ليست الدنيا عوضا من الآخرة (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (٣٨) : أي يستمتع به في الدنيا ثمّ يفنى ،
__________________
(١) أخرجه البخاريّ ومسلم وأبو داود وغيرهم من حديث أبي بكرة ، من خطبته صلىاللهعليهوسلم في حجّة الوداع. انظر مثلا : البخاري ، باب حجّة الوداع.