(وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ) : أي : بالكذب. (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (٤٢) : أي أنّهم إنّما اعتلّوا بالكذب.
قوله : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) (٤٣) : كان المنافقون يأتون النبيّ عليهالسلام فيعتلّون بالمرض وبأشياء أكذبهم الله فيها فقال : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ). ثمّ قال للنبيّ عليهالسلام : (عَفَا اللهُ عَنْكَ) والعفو من الله لا يكون إلّا بعد ذنب ، (لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) أي : للمنافقين ، (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) أي : من له عذر ، (وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) أي : من لا عذر له.
ثمّ قال : (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) : أي يتّقون الله (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) : أي ويتّقون اليوم الآخر (أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) : كراهيّة للجهاد ، فيتخلّفوا عنك ولا عذر لهم. (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (٤٤) : والتقوى اسم للأعمال الصالحة.
(إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) : أي لا يتّقون الله. (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) : أي ولا يتّقون اليوم الآخر. كقوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) [البقرة : ٢٨١] ، كراهيّة للجهاد.
قوله : (وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ) : أي وشكّت قلوبهم في أن لا يعذّبهم الله بالتخلّف عن الجهاد بعد إقرارهم بالله وبالنبيّ (١). (فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ) : أي في شكّهم (يَتَرَدَّدُونَ) (٤٥) : أي متحيّرون. ولم يكن ارتيابهم شكّا في الله ولا في نبيّه ولا في شيء ممّا جاء به ، بل كانوا موقنين بذلك كلّه ، وإنّما كان لارتيابهم وشكّهم في أن لا يعذّبهم الله بتخلّفهم عن نبيّ الله بعد إقرارهم وتوحيدهم (٢).
__________________
(١) كذا في المخطوطات ق وع ود وج ، وهو من تفسير الشيخ هود ورأيه ، فقد جاء في ز ، ورقة ١٢٧ : «(وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ) أي شكّت في الله عزوجل وفي دينه».
(٢) هذا رأي الشيخ هود الهوّاريّ في ريب المنافقين ، وهو شرح لما غيّره من تفسير ابن سلّام كما أورده ابن أبي زمنين في مخطوطة ز ورقة ١٢٧.