مَعَ الْقاعِدِينَ) (٤٦).
ثمّ قال للمؤمنين (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ :) أي مشوا بينكم بالنميمة والكذب. (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ :) أي : يبغون [أن تكونوا مشركين و] (١) أن يظهر عليكم المشركون ، وظهور الشرك فتنة. (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ :) أي للمشركين ، يعني المنافقين ؛ أنّهم عيون للمشركين عليكم ، يسمعون أخباركم فيرسلون بها إلى المشركين ، في تفسير الحسن. (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٤٧) : أي من المشركين والمنافقين جميعا ، وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم.
قوله : (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ :) أي الشرك (مِنْ قَبْلُ :) أي من قبل أن تهاجروا (وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ :) وهو قوله عزوجل : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) [الأنفال : ٣٠] وقوله : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) (٧٩) [الزخرف : ٧٩] ، وهو اجتماع المشركين في دار الندوة يتشاورون في أمر النبيّ. وقد فسّرنا ذلك في سورة الأنفال (٢).
وقال الحسن : (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ) :) أي القتل قبل أن تقدم المدينة ، يعني المنافقين.
قال : (حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ :) أي دين الله (وَهُمْ كارِهُونَ) (٤٨) : أي لظهوره.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي :) يا محمّد أقم في أهلي (وَلا تَفْتِنِّي :) أي بالنساء فافتتن بهنّ. وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : اغزوا تبوك تغنموا من بنات الأصفر (٣) ، أي بنات الروم ، فقال المنافقون : إيذن لنا ولا تفتنّا بالنساء فنفتتن. قال بعضهم : هو عبد الله بن
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٢٧.
(٢) انظر ما سلف في هذا الجزء : تفسير الآية ٣٠ من سورة الأنفال.
(٣) أورده مجاهد في تفسيره ، ص ٢٨١ بدون سند للحديث. ورواه الطبريّ عن مجاهد ، ج ١٤ ص ٢٨٧.