أبي السلولي (١).
قال الله : (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا :) أي في الهلكة ، وهو الكفر ، (سَقَطُوا) أي : وقعوا. (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٤٩) جميعا ، من كافر مشرك ، أو كافر منافق. كقوله : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (١٤٠) [النساء : ١٤٠]. وكقوله : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) (٨) [الإسراء : ٨] أي : سجنا. وكقوله : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) [الكهف : ٢٩] أي : سورها.
ثمّ قال : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ :) يعني النصر فتظهر بها على المشركين (تَسُؤْهُمْ:) أي تلك الحسنة (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ :) أي نكبة من المشركين (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ :) أي [أخذنا الوثيقة] (٢) في مخالفة محمّد والتخلّف عنه. (وَيَتَوَلَّوْا :) إلى منازلهم (وَهُمْ فَرِحُونَ) (٥٠) : أي بالذي دخل على النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين من النكبة.
وقال مجاهد : (قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا) أي : أخذنا حذرنا من قبل.
قال الله للنبيّ عليهالسلام : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا :) أي إلّا ما قضى الله لنا (هُوَ مَوْلانا :) أي هو وليّنا (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (٥١).
قوله : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا :) أي هل تنتظرون بنا ، يعني المنافقين (إِلَّا إِحْدَى
__________________
(١) أغلب المفسّرين يذكرون أنّ الآية نزلت في الجدّ بن قيس ، أخي بني سلمة. ويروي الطبريّ في تفسيره ، ج ١٤ ص ٢٨٧ ما يلي : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم ، وهو في جهازه ، للجدّ بن قيس ، أخي بني سلمة : هل لك يا جدّ العام في جلاد بني الأصفر؟ فقال : يا رسول الله ، أو تأذن لي ولا تفتني ، فو الله لقد عرف قومي ما رجل أشدّ عجبا بالنساء منّي ، وإنّي أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهنّ ، فأعرض عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال : قد أذنت لك». وقد ذكر ابن دريد في كتاب الاشتقاق ، ص ٤٦٤ ضمن بطون الخزرج ورجالها ما يلي : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من سيّدكم يا بني سلمة؟ قالوا : الجدّ بن قيس ، على بخل فيه. قال : وأيّ داء أدوأ من البخل. بل سيّدكم الأبيض الجعد : بشر بن البراء». وانظر : الواحدي ، أسباب النزول.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٢٧.