الْحُسْنَيَيْنِ) قال الحسن : أن نظهر على المشركين فنقتلهم ونغنمهم أو نقتل فندخل الجنّة (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) فيهلككم به (أَوْ بِأَيْدِينا) أي تظهروا نفاقكم فنقتلكم عليه ؛ فإنّا إنّما كففنا عن قتلكم بكفّكم عن إظهار نفاقكم. وهو كقوله : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) وكلّ هؤلاء منافقون ، وهو كلام مثنى (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) يا محمّد (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) [الأحزاب : ٦٠ ـ ٦٢] أي : كذلك سنّة الله في منافقي كلّ أمّة خلت من قبلك : القتل إن لم ينتهوا عن نفاقهم ؛ وكذلك سنّته في منافقي أمّتك ، إن هم لم ينتهوا عن إظهار نفاقهم. فكفّوا عن إظهار نفاقهم ؛ فبالكفّ عن إظهار نفاقهم كفّ النبيّ عن قتالهم (١).
قال : (فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) (٥٢).
وقال مجاهد : (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) أي : القتل في سبيل الله أو الظهور على أعداء الله.
(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) : ممّا فرض عليهم من النفقة في الجهاد. (لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) (٥٣) : أي فسق النفاق لأنّه فسق دون فسق الشرك ، لأنّكم ليست لكم حسبة (٢) ولا نية.
قال : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) : أي خالفوا الله ورسوله وإن أقرّوا بهما. (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) : يراءون الناس بها ، ولا يذكرون الله إلّا قليلا ، أي : بتوحيدهم إيّاه ، وإقرارهم به وبنبيّه ؛ وهو كقوله : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٥٥) [النساء : ١٥٥] يعني بالقليل إقرارهم
__________________
(١) جاء في ز ورقة ١٢٨ ما يلي : «(وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ ، أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) فيهلككم به. (أَوْ بِأَيْدِينا) أي يستخرج ما في قلوبكم من النفاق حتّى تظهروا الشرك فنقتلكم به».
(٢) كذا في سع وع : «حسبة» وهو أصحّ ، وفي د : «خشية» ، وللكلمة وجه.