إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير كتاب الله العزيز [ ج ٢ ]

تفسير كتاب الله العزيز [ ج ٢ ]

162/483
*

قوله : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) : يعني المنافقين من الأعراب. أي : هم أشدّ نفاقا من نفاق أهل المدينة ، وأشدّ كفرا من كفرهم. (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) : أي : أقلّ علما بالسنن ، وأجفى في الدين. (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٩٧) : أي : عليم بخلقه ، حكيم في أمره.

قوله : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً) (١) : أي في الجهاد في سبيل الله (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) : أي أن يهلك محمّد والمؤمنون فيرجع إلى دين مشركي العرب. (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) : أي عاقبة السوء (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٩٨).

قوله : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) : أي يتقرّب به إلى الله (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) : أي ويتّخذ صلوات الرسول أيضا قربة إلى الله عزوجل. وصلوات الرسول استنفاره ودعاؤه. (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) : أي الجنّة (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩٩).

ذكروا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : من أقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، ومات لا يشرك بالله فإنّ حقّا على الله أن يغفر له ، هاجر أو قعد في مولده. وإنّما يتقبّل الله من المتّقين. وإنّ في الجنّة لمائة درجة بين كلّ درجتين كما بين السماء والأرض أعدّها الله لمن جاهد في سبيله. ولو لا أن أشقّ على أمّتي ولا أجد ما أحملهم عليه ولا تطيب أنفسهم أن يتخلّفوا بعدي ما قعدت خلف سريّة ، ولوددت أن أقاتل في سبيل الله فأقتل ، ثمّ أحيا ثمّ أقتل ، ثمّ أحيا ثمّ أقتل (٢).

وقوله في أوّل الحديث : هاجر أو قعد في مولده ، إنّما هو بعد ما انقطعت الهجرة ، وذلك بعد فتح مكّة ، فصار الجهاد تطوّعا.

__________________

(١) جاء في ز ، ورقة ١٣٢ ما يلي : «(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً) يعني المنافقين ، لأنّهم ليست لهم نية. قال محمّد : قوله : (مغرما) يعني غرما وخسرانا».

(٢) حديث صحيح أخرجه البخاريّ في كتاب فضل الجهاد والسير ، باب درجات المجاهدين في سبيل الله ، وفي باب تمنّي الشهادة ، عن أبي هريرة.