إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير كتاب الله العزيز [ ج ٢ ]

تفسير كتاب الله العزيز [ ج ٢ ]

163/483
*

قوله : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) : ذكروا عن سعيد بن المسيّب. (١) قال : هم الذين صلّوا القبلتين مع النبيّ (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : لا يموتون ولا يخرجون منها (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٠٠) : وقد فسّرناه قبل هذا الموضع.

قوله : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) أي اجترأوا عليه والمتمرّد الجريء على المعاصي (لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) أي لا تعرفهم أنت يا محمّد ، نحن نعرفهم.

وقد عرّفهم الله رسوله وأعلمه بهم بعد ذلك ، وأسرّهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى حذيفة بن اليمان.

ذكروا عن الحسن أنّه قال : مات رجل له صحبة إلى جانب حذيفة فلم يصلّ عليه حذيفة. فأرسل إليه عمر فأغلظ له ، وقال : يموت رجل من أصحاب النبيّ إلى جانبك ولا تصلّي عليه! قال : يا أمير المؤمنين ، إنّه من القوم. فقال له عمر : أناشدك بالله ، أنا منهم ، قال : لا ، والله لا أؤمّن منها أحدا بعدك.

وقال بعضهم : قال له عمر : يموت رجل من أصحاب النبيّ إلى جانبك لا تسأل عليه؟ فقال له حذيفة : لو كنت مثله ما صلّيت عليك. قال : أمنافق هو يا حذيفة؟ قال : ما كنت لأخبرك بسرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال عمر : أناشدك الله ، أنا منهم؟ قال حذيفة : اللهمّ لا.

وفي هذا دليل لأهل الفراق أنّ عمر لم يلم حذيفة على أن لا يصلّي عليه ، وهو عند عمر مسلم. وفي قول عمر : يا حذيفة أناشدك الله أنا منهم؟ ما يدلّ كلّ ذي نهى وحجى أنّ عمر لم يكن يخاف على نفسه أنّه مشرك ، بل إنّه خاف أن تكون له معاص في الإسلام توجب عليه النفاق ، أو يكون نبيّ الله قد أسرّ إلى حذيفة شيئا من ذلك.

__________________

(١) نسب هذا القول في ز ، ورقة ١٣٢ إلى قتادة. رقد جاء منسوبا في تفسير الطبريّ إلى سعيد بن المسيّب برواية قتادة عنه. انظر : تفسير الطبري ، ج ١٤ ص ٤٣٦ ـ ٤٣٧. وقال بعضهم : هم الذين بايعوا بيعة الرضوان.