وأمّا الشرك ، فلم يكن يخافه عمر على نفسه ، ولا يظنّه به (١).
قوله : (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) : فأمّا إحداهما فبالزكاة تؤخذ منهم قهرا ، وأمّا الأخرى فعذاب القبر في تفسير بعضهم. (ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (١٠١) : يعني المنافقين. وعذاب القبر أيضا في سورة طه [آية : ١٢٤] في قوله : (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً).
ذكروا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن [عن أبي هريرة] (٢) عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وذكروه عن عبد الله بن مسعود ، وذكروه عن أبي سعيد الخدريّ أنّه قال : هو عذاب القبر يلتئم على صاحبه حتّى تختلف أضلاعه (٣). وقال بعضهم : (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) أي : عذاب الدنيا وعذاب القبر ، (ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) أي : جهنّم.
قوله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) : قيل : هم نفر من المؤمنين ، منهم أبو لبابة بن عبد المنذر ، وأويس بن ثعلبة في تفسير الكلبيّ. وكان الحسن لا يسمّيهم ويقول : كان عرض في هممهم شيء ، ولم يعزموا على ذلك ، ثمّ تابوا من بعد ذلك ، وأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاعترفوا بذنوبهم.
قال : (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٠٢) : وعسى من الله واجبة.
وقال بعضهم : ذكرنا لنا أنّهم كانوا سبعة رهط تخلّفوا عن غزوة تبوك ، فأمّا أربعة فهم الذين خلطوا : جدّ بن قيس ، وأوس ، وحرام ، وأبو لبابة ، وكلّهم من الأنصار ، فقيل
__________________
(١) هذه الفقرة من قوله : «وفي هذا دليل لأهل الفراق ...» من الشيخ هود الهوّاريّ ولا شكّ يحاجّ بها من يسمّيهم بأهل الفراق في مسائل الشرك والنفاق كما يراها الإباضيّة.
(٢) زيادة لا بدّ منها ، لأنّ أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف توفّي سنة أربع وتسعين للهجرة ، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة ، فلم يكن إذا صحابيّا. ولكنّه كان من فقهاء التابعين ، وكان يحمل عنه الحديث.
(٣) رواه مجاهد بسند عن أبي هريرة يرفعه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وأخرجه عبد الرزّاق وابن أبي حاتم والحاكم. وأخرج الربيع بن حبيب في مسنده ، ج ٣ ص ١٧ (رقم ٨١٣) عن جابر بن زيد عن ابن عبّاس : قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «لو نجا من عذاب القبر أحد لنجا منه سعد بن معاذ ، ولقد ضغطه القبر ضغطة اختلفت فيه (أو منها) أضلاعه».