بِمُعْجِزِينَ) (٣٣) : أي بالذين تعجزون الله فتسبقونه حتّى لا يقدر عليكم فيعذّبكم. (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) : أي أن يهلككم. مثل قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [إبراهيم : ٤] بعد البيان. قال الله : (هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٣٤).
(أَمْ يَقُولُونَ) : يعني مشركي العرب (افْتَراهُ) : أي إنّ محمّدا افترى القرآن ، على الاستفهام أي قد قالوا (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (٣٥) من قبل الجرم. يقول : فعليّ عملي وأنا بريء ممّا تعملون. وهو كقوله (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (٥٠) [سبأ : ٥٠].
قال : (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) : قال بعضهم : ذلك حين دعا نوح عليهم فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٣٦) [نوح : ٢٦] (فَلا تَبْتَئِسْ) : أي لا تحزن عليهم (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٣٦) : قال بعضهم : لا تأس ولا تحزن.
قوله : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) : أي بأمرنا (وَوَحْيِنا) : أي وبوحينا (١) فعملها على مثل جؤجؤ الطير. قال بعضهم : رأسها مثل رأس الحمامة ، وذنبها مثل ذنب الديك.
قوله : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) : أي ولا تراجعني في الذين ظلموا أنفسهم بشركهم (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (٣٧).
قال : (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) : أي إنّ نوحا عمل الفلك بيده ، فكان يمرّ عليه الملأ من قومه ، فيقولون له استهزاء به : يا نوح ، بينما تزعم أنّك رسول ربّ العالمين إذ صرت نجّارا.
__________________
(١) كذا في المخطوطات ، وفي ز ، ورقة ١٤٥ (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) : كما نأمرك بعملها».