جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (٥٩) : أي واتّبع بعضهم بعضا على الكفر. والعنيد المعاند للهدى المجتنب له.
قوله : (وَأُتْبِعُوا) : [أي ألحقوا] (١) (فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) : يعني العذاب الذي عذّبوا به (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) : أي ولهم يوم القيامة أيضا لعنة ، يعني عذاب جهنّم. (أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ) (٦٠).
قوله : (وَإِلى ثَمُودَ) : يقول : وأرسلنا إلى ثمود (أَخاهُمْ صالِحاً) : على الكلام الأوّل في عاد. (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) : أي مبتدأ خلقكم من آدم ، وخلق آدم من طين ، فهو خلقكم من الأرض (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) : قال مجاهد : أعمركم فيها. وقال الحسن : جعلكم عمّار الأرض (٢) ، وهو واحد. كقوله : (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) [الأعراف : ١٢٩] أي : بعد الماضين : (فَاسْتَغْفِرُوهُ) : أي من الشرك (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) منه (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (٦١) : أي قريب ممّن دعاه ، مجيب لمن دعاه.
ذكروا أنّ موسى عليهالسلام قال : يا ربّ ، أقريب أنت فأناجيك؟ أم بعيد فأناديك؟ فأوحى الله إليه : إنّي عند ظنّ عبدي ، وأنا معه إذا دعاني.
(قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا) : أي كنّا نرجو ألّا تشتم آلهتنا وألّا تعبد غيرها. (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (٦٢) : أي من الريبة.
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) : أي على أمر بيّن ، أي من النبوّة (وَآتانِي) : وأعطاني (مِنْهُ رَحْمَةً) : أي النبوّة (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) فيمنعني منه ، أي لا أحد. (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) (٦٣) : يعني إن أجبتكم إلى ما
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٤٧.
(٢) وهي نفس عبارة أبي عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٢٩١. وزاد : «يقال : أعمرته الدار ، أي : جعلتها له أبدا وهي العمرى ...».