تدعونني إليه لم أزدد به إلّا خسرانا (١).
(وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) : وكان قوم صالح سألوه أن يأتيهم باية فأتاهم بالناقة. قال : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) : أي لا تعقروها (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) (٦٥) : فقالوا : آية ذلك ماذا ، فنعلم أنّك صادق؟ قال : آية ذلك أنّ وجوهكم تصبح أوّل يوم مصفرّة ، واليوم الثاني محمرّة ، واليوم الثالث مسودّة. فلمّا كان ذلك عرفوا أنّه العذاب ، فتحنّطوا وتكفّنوا. فلمّا أمسوا تلفّفوا في الأنطاع. ثمّ صبّحهم العذاب في اليوم الرابع بالرجفة.
ذكر بعضهم قال : ذكر لنا أنّ صالحا حين أخبرهم أنّ العذاب يأتيهم لبسوا الأنطاع والأكسية وأطلوا (٢) وقيل لهم : آية ذلك أن تصفرّ ألوانكم في أوّل يوم ، ثمّ تحمرّ من الغد ، ثمّ تسودّ في اليوم الثالث. وإنّهم لمّا عقروا الناقة تذامروا (٣) وقالوا : عليكم بالفصيل. وصعد الفصيل القارة ، والقارة الجبل (٤). حتّى إذا كان اليوم الثالث استقبل القبلة ، وقال : يا ربّ أمّي ، يا ربّ أمّي ، فأرسلت عليهم الصيحة عند ذلك.
قال : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) : أي : عذابنا (نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) : أي عذاب يومئذ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) (٦٦) : أي القويّ في قدرته ، العزيز في نقمته.
__________________
(١) هذا قول ابن سلّام ، ويرى الفرّاء في معاني القرآن ، ج ٢ ص ٢٠ غير ذلك : «يقول : (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) لكم وتضليل لكم ، أي : كلّما اعتذرتم بشيء هو يزيدكم تخسيرا ، وليس غير تخسير لي أنا ، وهو كقولك للرجل : ما تزيدني إلّا غضبا ، أي : غضبا عليك». وهو قول مجاهد والطبريّ أيضا. انظر تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٣٧١.
(٢) في ق وع : «وأظلموا» ، وأثبتّ ما جاء في د وج : «أطلوا» ، وهو الصواب إن شاء الله.
(٣) في ق وع : «تدامروا» ، وفي ج ود : «توامروا» ، وفي تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٣٧٢ : «ندموا» ، وصواب الكلمة إن شاء الله ما أثبتّه : «تذامروا» ؛ أي : لام بعضهم بعضا.
(٤) القارة : هي الجبيل الصغير ، وقال الجوهريّ : هي الأكمة. انظر اللسان ، والصحاح : (قور).