قال الكلبيّ : (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) عرف أنّهم ملائكة. (قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ). فلمّا رأت سارّة فرق إبراهيم عجبت من فرقه فضحكت ، وهي لا تدري من القوم.
قال : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) : فبشّروها بإسحاق ، وقالوا : نرجع إليك [عاما] (١) قابلا ، وقد ولدت غلاما اسمه إسحاق. (وَ) : يكون (مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) (٧١) : قال الحسن : (مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ) أي : من بعد إسحاق (يَعْقُوبَ) بشّر بنبوّته وهو ابن إسحاق ، وهو نبيّ يوحى إليه.
(قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) وكانت قعدت من الولد (٢) (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) : هذا كلام مستقبل ، مقطوع من كلام الملائكة.
(إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (٧٣) : (حميد) أي : مستحمد إلى خلقه بنعمته عليهم. والمجيد : هو الكريم ، فلا أكرم منه. قال الحسن قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّه ليس أحد أحبّ إليه الحمد من الله ، ولا أكثر معاذير من الله (٣).
__________________
ـ القرآن ، ج ٢ ص ٢٢ : «وأمّا قوله : (فَضَحِكَتْ) : حاضت ، فلم نسمعه من ثقة». وكان الطبريّ في تفسيره ج ١٥ ص ٣٩٢ ـ ٣٩٣ يردّ على الفرّاء قوله إنّه لم يسمع ورود لفظ الضحك في معنى الحيض ، فيذكر أبياتا في هذا المعنى ، ولكنّه يرجّح في الأخير أنّ معنى الآية أنّها ضحكت تعجّبا من غفلة قوم لوط والعذاب محيط بهم. وانظر في سبب ضحكها هذا الأقوال التي عدّدها ابن الجوزيّ في زاد المسير ، ج ٤ ص ١٣٠ ـ ١٣١.
(١) كلمة سقطت من المخطوطات الأربع فأثبتّها من ز ، ورقة ١٤٨.
(٢) كذا في ق وع ود. وفي ز ، ورقة ١٤٨ : «وكانت قد قعدت عن الولد». وهو أفصح.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب التوبة ، باب غيرة الله تعالى ، وتحريم الفواحش مرفوعا من طريق عبد الله بن مسعود ، ولفظه : «ليس أحد أحبّ إليه المدح من الله عزوجل ، من أجل ذلك مدح نفسه ، وليس أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرّم الفواحش ، وليس أحد أحبّ إليه العذر من الله ، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل». (رقم ٢٧٦٠) ، وانظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية الأولى من سورة الأنعام (التعليق).