قوله : (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) : قال بعضهم : سيء بقومه الظنّ ، وضاق بأضيافه الذرع. أي سيء بقومه الظنّ لما كانوا يفعلون من الفاحشة ، وضاق بأضيافه الذرع مخافة عليهم منهم.
وفي تفسير الحسن : سيء بهم ، أي : ساءه دخولهم عليه لما يتخوّفه عليهم من قومه ، وضاق بهم ذرعا. (وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ) (٧٧) : أي شديد في تفسير الحسن وغيره. وقال الحسن : العذاب الذي أخبر أنّه نازل بهم.
وقال الكلبيّ : ساءت جيئتهم ، وضاق بهم ذرعا ، أي : لم يدر أين ينزلهم.
قال : وكان قوم لوط لا يؤوون ضيفا بليل ، وكانوا يعترضون من يمرّ بالطريق نهارا للفاحشة ؛ فلمّا جاءت الملائكة لوطا حين أمسوا كرههم ولم يستطع دفعهم فقال : (هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ) ، أي شديد (١).
قال : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) : أي يسرعون إليه. ذكروا أنّ مجاهدا قال : الإهراع الإسراع في المشي.
قال الحسن : يبتدرونه (٢) أي : يبتدرون أضيافه للفاحشة.
قال : (وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) : أي يأتون الرجال في أدبارهم.
وكان لا يفعل ذلك بعضهم ببعض ، إنّما كانوا يفعلون ذلك بالغرباء.
(قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) : أي هنّ أحلّ لكم من الرجال. قال الحسن : فتزوّجوهنّ. ولم يكن حرّم يومئذ المسلمات على المشركين. قال : وكان ذلك في
__________________
(١) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ج ١ ص ٢٩٣ : (هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ) أي : شديد ، يعصب الناس بالشرّ. ثمّ استشهد بأبيات ، منها بيت لم يعرف قائله ، وهو :
يوم عصيب يعصب الأبطالا |
|
عصب القويّ السّلم الطوالا |
(٢) في المخطوطات الأربع : «يبتدونه» ، وأثبتّ ما بدا لي أنّه أولى بالصواب ، من الابتدار. اللهمّ إلّا أن تكون الكلمة الواردة في المخطوطات من الابتداء ، وحذفت الهمزة للتخفيف ؛ ولكنّ ما أثبتّه أنسب للمقام.