ذكروا عن حذيفة بن اليمان قال : لمّا جاءت الملائكة بعذاب قوم لوط ، أتوا على لوط وهو في زرع له يسقيه. فسألوه الضيافة ، فقال : اجلسوا حتّى أفرغ لكم. فلمّا فرغ جاءهم فتوجّه بهم إلى منزله. وقد عهد إلى الملائكة ألّا يهلكوا قوم لوط حتّى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات.
فبينما هو متوجّه إلى القرية إذ قال : قفوا ، فقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ قالوا : وما يعملون؟ قال : ما أعلم لله خلائق أشرّ منهم ، فقالوا : واحدة. ثمّ مشى معهم ، ثمّ قال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ قالوا : وما يعملون؟ قال : ما أعلم لله خلائق أشرّ منهم. فقالوا : اثنتان. ثمّ مشى معهم ، ثمّ قال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ قالوا : وما يعملون؟ قال : ما أعلم لله خلائق أشرّ منهم. قالوا : ثلاثة. فجاء بهم إلى منزله.
فلمّا رأت العجوز ، عجوز السوء ، القوم لم تر قوما أحسن وجوها ، ولا أحسن ثيابا ، ولا أطيب ريحا. وكان العلم بينها وبين قومها إذا نزل بلوط ضيف أن تدخّن (١). فلمّا رأتهم لم تملك نفسها أن ذهبت بنفسها إليهم فقالت : لقد نزل الليلة بلوط ضيف ما نزل به أحسن وجوها ولا أحسن ثيابا ولا أطيب ريحا. فجاءوه يهرعون إليه ، (وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ). فراودوه عن ضيفه ، فقال : (قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ـ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ). فقالت الملائكة :
(قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) : [أي : سر بهم في ظلمة من الليل] (٢) (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها
__________________
ـ ٤٢٠ ـ ٤٢١ ، عن أبي هريرة من عدّة طرق ، وفي بعضها زيادة : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فما بعث الله بعده من نبيّ إلّا في ثروة من قومه».
(١) كذا في المخطوطات : «أن تدخن» ، أي : تبعث دخانا في الجوّ إعلاما بوجود أضياف جدد. ولم أجد هذا الخبر فيما بين يديّ من المصادر.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٤٩.