صلّى الله عليه وعلى جميع الأنبياء. وسنذكر ذلك إذا أتينا عليه في سورة القصص [إن شاء الله].
فولّاه الملك وعزل العزيز. (قالَ) يوسف : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) : يعني أرض مصر ، أي : على أقوات أهل الأرض (إِنِّي حَفِيظٌ) : لما ولّيت عليه (عَلِيمٌ) (٥٥) بأمره. وقال الحسن : يعني عليهم بما يصلحهم من ميرتهم.
قال بعضهم : باع منهم يوسف قوتهم عاما بكلّ ذهب عندهم ، فصار ذهبهم كلّه له. ثمّ باعهم عاما آخر بكلّ فضّة عندهم ، ثمّ باعهم عاما آخر بكلّ نحاس عندهم ، ثمّ باعهم عاما آخر بكلّ رصاص عندهم ، ثمّ باعهم عاما آخر بكلّ حديد عندهم ، ثمّ باعهم عاما آخر برقاب أنفسهم ، فصارت رقابهم وأموالهم كلّها له.
قوله : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) : أي : أرض مصر (يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ) : [أي : ينزل منها حيث يشاء] (١) وإنّما كان ذلك لتمكين الله له وعطيّته إيّاه. (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ) : يعني النبوّة. (وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (٥٦). قال : (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ) : أي الجنّة (خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (٥٧) : يعني ما يعطي الله في الآخرة أولياءه خير من الدنيا.
قوله : (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ) : أي من أبيه (فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) (٥٨) : فأكرمهم وأنزلهم.
(وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) : أي من الميرة (قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ) : يعني أخاه ، وكان أصغرهم كلّهم. قال بعضهم : هو بنيامين ، وهو أخو يوسف من أبيه وأمّه. قال : (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) (٥٩) : أي خير المضيّفين ، أي : خير من يضيّف بمصر. وقد رأوا ذلك ؛ إنّه قد أحسن نزلهم وأكرمهم [لما] عرف أنّهم
__________________
(١) زيادة من ز : ورقة ١٥٦.