المعمور بحيال الكعبة فقلت : يا جبريل ما هذا؟ قال : هذا البيت المعمور يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لا يعودون فيه أخر ما عليهم (١). ثمّ رفعت لنا سدرة المنتهى ؛ فحدّث نبيّ الله أنّ ورقها مثل آذان الفيلة ، وأنّ نبقها مثل قلال هجر (٢).
وحدّث نبيّ الله أنّه رأى أربعة أنهار يخرجن من تحتها : نهران باطنان ونهران ظاهران. فقلت يا جبريل ما هذه الأنهار؟ فقال : أمّا النهران الباطنان فنهران بالجنّة ، وأمّا الظاهران فالنيل والفرات. وأتيت بإناءين أحدهما لبن والآخر خمر ، فعرضا عليّ فأخذت اللبن ؛ فقيل لي : أصبت ، أصاب الله بك أمّتك على الفطرة. وفرضت عليّ خمسون صلاة ، أو قال : أمرت بخمسين صلاة كلّ يوم. فجئت بهنّ ، حتّى أتيت على موسى فقال لي : بم أمرت؟ فقلت : بخمسين صلاة كلّ يوم.
فقال : إنّ أمّتك لا يطيقون ذلك ؛ إنّي قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة ، ارجع إلى ربّك وسله التخفيف لأمّتك. فما زلت أسأل ربّي ويقول لي موسى مثل مقالته هذه حتّى رجعت بخمس صلوات كلّ يوم. فلمّا أتيت عليه قال لي : بم أمرت. قال : فقلت بخمس صلوات كلّ يوم. فقال : إنّ أمّتك لا يطيقون ذلك. إنّي قد بلوت الناس من قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة ، راجع ربّك واسأله التخفيف لأمّتك. فقلت : لقد راجعت ربّي حتّى لقد استحييت ، ولكنّي أرضى وأسلّم. قال : فنوديت ، أو نادى مناد : إنّي قد أمضيت فريضتي وخفّفت عن عبادي وجعلت الحسنة بعشر أمثالها. فانتهى هذا الحديث إلى هاهنا (٣).
__________________
(١) كذا في سع ، وفي المخطوطات الأربع : لم يعودوا إليه.
(٢) هي قرية قرب المدينة ، كانت تعمل بها القلال الكبيرة. قال أحمد بن حنبل : قدر كلّ قلّة قربتان. انظر اللسان (قلل). وانظر معجم البلدان لياقوت الحموي ، (هجر).
(٣) حديث الإسراء والمعراج هذا أخرجه البخاريّ في كتاب بدء الخلق ، باب المعراج ، بعد باب حديث الإسراء عن هدبة بن خالد عن همام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة. وهذا أصحّ أحاديث الباب ، وله طرق أخرى عن أنس. وقد أخرج حديث الإسراء والمعراج أئمّة الحديث عن ـ