خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (٤) [المعارج : ٤] فقعدنا فيه ، فعرج بنا حتّى انتهينا إلى باب السماء الدنيا (١) ، وعليها ملك يقال له : إسماعيل ، جنده سبعون ألف ملك ، جند كلّ ملك سبعون ألف ملك ، وتلا هذه الآية : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) [المدّثّر : ٣١] فاستفتح جبريل فقيل : من هذا؟ قال : جبريل ؛ قيل : ومن معك؟ قال محمّد. قيل : أو قد بعث إليه؟ قال : نعم. قالوا : مرحبا به ، ولنعم المجيء جاء. ففتح لنا. فأتيت على آدم ، فقلت : يا جبريل من هذا؟ قال : هذا أبوك آدم. فرحّب بي ودعا لي بخير. قال : وإذا الأرواح تعرض عليه. فإذا مرّ به روح مؤمن ، قال : روح طيّب ورائحة طيّبة ، وإذا مرّ به روح كافر قال : روح خبيث ورائحة خبيثة. قال : ثمّ مضيت فإذا أنا بأخاوين (٢) عليها لحوم منتنة وأخاوين عليها لحوم طيّبة وإذا رجال ينهسون (٣) اللحوم المنتنة ويدعون اللحوم الطيّبة ، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الزناة يدعون الحلال ويبتغون الحرام.
قال : ثمّ مضيت فإذا أنا برجال تفكّ ألحيهم (٤) وآخرين يجيئون بالصخور من النار فيقذفونها في أفواههم فتخرج من أدبارهم. قال : قلت : يا جبريل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما. ثمّ تلا هذه الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (١٠) [النساء : ١٠].
قال : ثمّ مضيت فإذا أنا بقوم يقطع من لحومهم بدمائهم فيضفزونها (٥) ولهم جؤار ؛ فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الهمّازون اللّمّازون ، ثمّ تلا هذه الآية : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) [الحجرات : ١٢] قال : وإذا أنا بنسوة
__________________
(١) كذا في سع ورقة ٦ ب ، وفي ز ، ورقة ١٨٠ ، وفي ق وع : «حتّى انتهينا إلى باب الحفظة».
(٢) أخاوين ، جمع خوان : المائدة إذا كان عليها طعام ، وتجمع أيضا على أخونة وخون ، والكلمة معرّبة. انظر : الجواليقي : المعرّب ، ص ١٧٧ ، واللسان (خون).
(٣) في ق وع : «ينتهشون» وأصحّ منه وأفصح ما جاء في سع ورقة ٦ ب : «ينهسون». والنهس القبض على اللحم بالأسنان والأضراس ونتفه.
(٤) جمع لحي ؛ واللّحيان : العظمان اللذان عليهما الأسنان من داخل الفم ، ومنبت اللحية من الإنسان.
(٥) يضفزونها ، أي : يلقمونها على كره منهم. ومن معاني الضفز : الدفع.