نهر الرحمة ونهر الكوثر ؛ فاغتسلت من الرحمة فغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر. ثمّ أعطيت الكوثر فسلكته حتّى انفجر بي في الجنّة ، فإذا طيرها كالبخت (١) ، وإذا الرّمّانة من رمّانها كجلد البعير المقتّب. قال : ونظرت إلى جارية فقلت : لمن أنت يا جارية؟ فقالت : لزيد بن حارثة. قال : فبشّرت بها زيدا. قال : ثمّ نظرت إلى النار ، فإذا إنّ عذاب ربّي لشديد ، لا تقوم له الحجارة ولا الحديد. قال : ثمّ إنّي رفعت إلى سدرة المنتهى فغشّاها من أمر الله ما غشّى. ووقع على كلّ ورقة منها ملك ، وأيّدها الله بأيده ، وأوحى لي ما أوحى ، وفرض عليّ في كلّ يوم وليلة خمسين صلاة. فرجعت إلى موسى فقال : ما فرض عليك ربّك؟ فقلت : فرض عليّ في كلّ يوم وليلة خمسين صلاة. قال : ارجع إلى ربّك واسأله التخفيف لأمّتك ، فإنّ أمّتك لا تطيق ذلك ، وإنّي قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم. قال : فرجعت إلى ربّي ، فقلت : أي ربّ حطّ عن أمّتي ، فإنّ أمّتي لا تطيق ذلك. فحطّ عنّي خمسا. فرجعت إلى موسى عليهالسلام فقال : ما فرض عليك ربّك؟ قال : قلت : حطّ عنّي خمسا. فقال : ارجع إلى ربّك فسله التخفيف ، فإنّ أمّتك لا تطيق ذلك. قال : فرجعت إلى ربّي فحطّ عنّي خمسا. قال : فلم أزل أختلف ما بين ربّي وبين موسى (٢) حتّى قال : يا محمّد ، لا تبديل ، إنّه لا يبدّل القول لديّ ؛ هي خمس صلوات في كلّ يوم وليلة ، كلّ صلاة عشر ، فتلك خمسون صلاة. ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومن عملها كتبت له عشرا. ومن همّ بسيّئة ولم يعملها لم تكتب عليه ، ومن عملها كتبت عليه سيّئة واحدة. قال : فرجعت إلى موسى فأخبرته ، فقال : ارجع إلى ربّك فسله التخفيف. فقلت : قد راجعته حتّى لقد استحييت (٣).
وذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : مررت ليلة أسري بي على سرير وعليه ملك قائم بيده
__________________
(١) قيل : لفظ «البخت» من الدخيل في العربيّة ، وقيل : إنّ اللفظ عربيّ ، وهو جمع بختيّة ، وهي الإبل الخراسانيّة الطويلة الأعناق. ولم يورد الجواليقيّ هذه الكلمة في معجمه «المعرّب من الكلام الأعجميّ».
(٢) كذا في سع ورقة ٦ ظ ، وفي ز ، ورقة ١٨٢ ، وفي ق وع : «فلم تزل تلك حالتي فيما بيني وبين ربّي وموسى».
(٣) تعيد المخطوطتان ق وع ، دون د ، ذكر الخبرين الواردين قريبا حول البراق الذي استصعب وحول رجال تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، وهما في سع ورقة ٦ ظ ، بعد حديث أبي سعيد الخدريّ هذا الذي انتهى ، لذا لم أر بأسا من حذفهما هنا تلافيا للتكرار.