الله في الآخرة بختنصر البابليّ المجوسيّ فقتل وسبى وخرّب بيت المقدس ، وقذف فيها الجيف والعذرة. ويقال : إنّ فسادهم الثاني قتل يحيى بن زكرياء ، فبعث الله بختنصر عقوبة عليهم بقتلهم يحيى ، فقتل منهم سبعين ألفا.
وذكر بعضهم قال : كان يحيى بن زكرياء في زمان لم يكن للرجل منهم أن يتزوّج امرأة أخيه بعده. فإذا كذب متعمّدا لم يولّ الملك. فمات الملك ، وولي أخوه ، فأراد أن يتزوّج امرأة أخيه [الملك الذي مات] (١). فسألهم فرخّصوا له. وسأل يحيى بن زكرياء فأبى أن يرخّص له. فحقدت عليه امرأة أخيه. وجاءت بابنة أخي الملك الأوّل إليه ، فقال لها : سليني اليوم حكمك. فقالت : حتّى أنطلق إلى أمّي. فلقيت أمّها فقالت : قولي له : إن أردت أن تفي لنا بشيء فأعطني رأس يحيى بن زكرياء ، فقالت : أقول له خيرا من هذا. فقالت هذا خير لك منه (٢). فأتت إليه فسألته. فكره أن يخلفها ولا يولّى الملك. فدفع إليها يحيى بن زكرياء. فلمّا وضعت الشفرة على حلقه قال : [قولي] (٣) بسم الله ، هذا ما بايع عليه يحيى بن زكرياء عيسى بن مريم على أن لا يزني ولا يسرق ولا يلبس إيمانه بسوء. فلمّا أمرّت الشفرة على أوداجه فذبحته ناداها مناد من فوقها فقال : يا ربّة البيت الخاطئة الغاوية. قالت : إنّها كذلك فماذا تريد منها؟ فقال : لتبشر ، فإنّها أوّل من تدخل النار. قال فخسف بابنتها. فجاءوا بالمعاول فجعلوا يحفرون عنها وتدخل في الأرض حتّى ذهبت ولم يقدر عليها.
قوله : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) : قال بعضهم : فعاد الله عليهم بعائدته. قال : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) عليكم بالعقوبة. كان أعلمهم أنّ هذا كلّه كائن.
__________________
(١) زيادة من سع ، ورقة ٧ ب.
(٢) كذا في المخطوطات ، جرى الحوار بين الأمّ وابنتها. أمّا في سع فالحوار كان بين الملك والابنة هكذا : «فأعطني رأس يحيى بن زكرياء فقال : قولي لها : غير هذا خير لك. قال : فأبت وتكره أن يخلفها فلا يول الملك (كذا) ...». وما جاء في المخطوطات أصحّ. وانظر تفاصيل هذا في روايات طويلة في تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٢٩ فما بعدها.
(٣) كذا في سع ورقة ٧ ظ ، وفي المخطوطات : د وق وج وع : «وتالله وتالله ، وبالله».