قوله : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١٥) : قال الحسن : لا يعذّب قوما بالاستئصال حتّى يحتجّ عليهم بالرسل. كقوله : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) [القصص : ٥٩]. وكقوله : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٢٤) [فاطر : ٢٤] يعني الأمم التي أهلك الله بالعذاب.
قوله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) : أي أكثرنا جبابرتها. قال الحسن : جبابرة المشركين فاتّبعهم السفلة (فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) : أي الغضب (فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) (١٦).
وكان ابن عبّاس يقرأها : (أمّرنا مترفيها) ، مثقّلة ، من قبل الإمارة. كقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) [الأنعام : ١٢٣]. وكان الحسن يقرأها : (آمرنا) ، وهي أيضا من الكثرة. وبعضهم يقرأها : (أمرنا) أي : أمرناهم بالإيمان ففسقوا فيها ، أي : أشركوا ولم يؤمنوا.
قوله : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (١٧) : وهو كقوله : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ ، إِلَّا اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ...) إلى آخر الآية [إبراهيم : ٩].
قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ) : [وهو المشرك الذي لا يريد إلّا الدنيا ، لا يؤمن بالآخرة] (١) (عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً) : أي في نقمة الله (مَدْحُوراً) (١٨) : مطرودا مباعدا عن الجنّة في النار.
قوله : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها) : أي : عمل لها عملها (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) : أي وهو موفّ بالقول والعمل (٢) (فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ) : أي عملهم (مَشْكُوراً
__________________
(١) زيادة من سع ورقة ٨ ب ، ومن ز ، ورقة ١٨٣.
(٢) كذا في المخطوطات الأربع : «وهو موف بالقول والعمل». وهذا تأويل من الشيخ هود الهوّاريّ بدلا ممّا ـ