أحسبنا الليلة نرجوه. فقال : يرزقنا الله وإيّاك من فضله ، اجلس. فجلس. ثمّ قام آخر فقال مثل ذلك. فردّ عليه رسول الله مثل ذلك. فأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأربع أواق من ذهب ، فقال : أين السائلان؟ فقام الرجلان فأعطى كلّ واحد منهما أوقية ، ولم يسأله أحد ، فرجع بأوقيتين ، فجعلهما تحت فراشه. فسهر ليلته بين فراشه ومسجده ، فقالت أمّ المؤمنين : يا رسول الله ما أسهرك؟ أوجع أو أمر نزل؟ فقال : يا عائشة ، أتيت بأربع أواق فأمضيت وقيّتين وبقيت وقيّتان ، فخشيت أن يحدث بي حدث ولم أوجّههما.
قال بعضهم : بلغنا أنّ قوله : (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) أن يقول لهم : يرزقنا الله وإيّاك.
ذكر عن عائشة أنّها قالت : لا تقولوا للسائل : بارك الله فيك ، فإنّه قد يسأل البرّ والفاجر ، ولكن قولوا : يرزقنا الله وإيّاك.
وقوله (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) يعني : انتظار رزق من ربّك.
ذكر الحسن قال : كان السائل يسأل فيقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والله ما أصبح في بيوت آل محمّد صاع من طعام ، وهي يومئذ تسعة أبيات. ولم يكن به شكوى ، ولكن والله اعتذار منه عليهالسلام.
قوله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) : أي لا تدع النفقة في حقّ الله فيكون مثلك مثل الذي غلّت يده إلى عنقه فلا يستطيع أن يبسطها. قال : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) : أي فتنفق في غير حقّ الله (فَتَقْعُدَ مَلُوماً) : في عباد الله لا تستطيع أن توسع الناس (مَحْسُوراً) (٢٩) : أي قد ذهب ما في يديك. يقول : قد حسر (١). وقال بعضهم : يقول : لا تمسكها عن طاعة الله ولا عن حقّه ، ولا تبسطها كلّ البسط أي : لا تنفقها في معصية الله وفيما لا يصلح ، وهو الإسراف. قال : (فتقعد ملوما) في عباد الله (مّحسورا) أي : على ما سلف من أمره وفرط.
__________________
(١) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ١ ص ٣٧٥ : «(ملوما مّحسورا) أي : منضى قد أعيا. يقال : حسرت البعير ، وحسرته بالمسألة ، والبصر أيضا : إذا رجع محسورا».