قوله : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) : يعني ما أمر الله به من صلة القرابة. يقال : إن كان لك مال فصله بمالك ، وإن لم يكن لك مال فامش إليه برجلك. قال الحسن : حقّ الرحم ألّا تحرمها ولا تهجرها.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّ الرّحم معلّقة بالعرش. وليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الذي إذا انقطعت رحمه وصلها (١). قوله : (وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) : وهما صنفان من أهل الزكاة الواجبة. وكانت نزلت قبل أن يسمّى أهل الزكاة. (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) (٢٦) : أي لا تنفق في غير حقّ.
ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما أنفقتم في سبيل الله فلكم ، وما أنفقتم على أنفسكم فلكم ، وما أنفقتم على عيالكم فلكم ، وما تركتم فللوارث (٢).
ذكروا عن عليّ قال : ما أنفقت على نفسك فلك ، وما أنفقت على عيالك فلك ، وما أنفقت رياء وسمعة فهو للشيطان.
قوله : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) : يعني المشركين (٣) ينفقون في معاصي الله ، فهو للشيطان. وما أنفق المؤمن لغير الله لا يقبله الله. وإنّما هو للشيطان. قال : (وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (٢٧).
قوله : (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) : أي ابتغاء الرزق (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) (٢٨).
ذكروا عن الحسن أنّ سائلا قام فقال : يا رسول الله ، لقد بتنا البارحة بغير عشاء ، وما
__________________
(١) انظر ما سلف قريبا في هذا الجزء ، تفسير الآية ٩٠ من سورة النحل.
(٢) أخرجه يحيى بن سلّام عن الحسن مرسلا ، في ورقة ٨ ظ ، ولم أعثر عليه بهذا اللفظ فيما لديّ من المصادر.
(٣) الآية أعمّ من أن تقصر على المشركين ، بل هي عامّة في كلّ المبذّرين في كلّ زمان ومكان. وقد جدّت أنواع من التبذير في زماننا وتسابق الناس في مظاهر الإسراف ، وقلّدوا غيرهم في التباهي والتفاخر في موائد الأفراح مثلا ، وفي الملبس والمشرب ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.